الضحية

لـ أحمد علي سليمان، ، في الهجاء، 0

الضحية - أحمد علي سليمان

أراني - بأوزار غيري - الذليلْ
ونجمي يلوذ بقيح الأفولْ

وأبكي ، وتخنقني كُربتي
وينحدر الدمعُ مثلَ السيول

ويكوي النحيبُ سنا عزمتي
وزهرةُ عمري اعتراها الذبول

وهمّي جليسي صباحَ مسا
وليس لمشكلتي من حلول

وأجترّ حُزناً كمثل اللظى
وليس - إلى لفظه - من سبيل

وأحيا أكابدُ مُر الجوى
بجسم تحدّاه سيفُ النحول

وحولي الأقاربُ ، لكنْ غُثا
وطال النشيجُ ، وفاض العويل

أبي قد رحلت ، وخلفتني
أصارعُ بعدك طولَ الرحيل

ويقتلني الوَجدُ في عالم
يُخالفُ - بالعمد - هديَ الرسول

فيلقي الحِرابَ بصدر يتي
م ، ويُصبحُ في عِرضه يستطيل

ويَقهرُه دونما رحمةٍ
ويَدْحرُه بالعذاب الوبيل

ويرمي عليه صنوفَ الأذى
كأن اليتيم ظلومٌ جهول

أبي كنت لي في الضنا جُنة
تُهوّن مشوار ضنكي الطويل

وتَغمرني بالعطاء الذي
تزولُ الحياة ، وليس يزول

وترفق بي إن بدتْ زلة
وإما اعتذرتُ وجدتُ القبول

وما كنتَ تهمل ما أشتكي
فأنت الصديقُ ، وأنت الخليل

ولمّا تكنْ بيننا فجوة
ولكنْ صفاءٌ وقُربٌ جميل

أبي إنني اليومَ في ذِلةٍ
وسُكنى الشقاء بلاءٌ ثقيل

وذلُّ الأقارب قد هدّني
ولا يقبل الذلَ إلا الذليل

وإني أنافحُ عن عِزتي
ولستُ - إلى الذل يوماً - أميل

ضحيةُ مَن فيّ قد فرَطوا
وعيشي المُشتت أقوى دليل

أراهم وَصَاتك قد أهدروا
فكلٌّ له - في التشفي - مُيول

وخانوا الأمانة ، لم يحفظوا
وليس لغدرهمُ مِن مثيل

وبينهمُ ذقتُ مُرّ الأسى
وأردى إبائي العذابُ المهول

أقاسي فتونَ الطوى مُكرهاً
وبعدُ أنام كمثل القتيل

ويذبحُني الدمعُ أبكي أبي
إذا فاجأتْني طيوفُ الأصيل

فأصحو - من النوم - مسترجعاً
وما زادني منه إلا القليل

أبي كنتَ فرحي وترنيمتي
وكنتَ - بما أرتجيه - الكفيل

وكنت الظهير إذا نالني
عدوٌ ببائقةٍ أو فضول

ونورٌ - على الدرب - مستعذبٌ
وفي القيظ عطفك ظلٌ ظليل

وما كنتُ أدركُ ما أدّعي
فهذي أمورٌ تراها العقول

ولكنْ فراقُك قد هزني
وأسدل - حول فؤادي - السُّدول

وأطيافك اليوم تُزكي الجوى
وذِكراك مثلُ النسيم البَليل

وأصداءُ صوتك في خاطري
تؤثر - في النفس - مثلَ الهديل

ليرحمْ مليكُ البرايا أبي
وهل يرحمُ الناسَ مثلُ الجليل؟

وعوّضني اللهُ عن فقده
وأتحِفَ قلبي بصبر جميل

وثبتني الله في مِحنتي
وحَسبيْ الإلهُ ، ونعمَ الوكيل

© 2024 - موقع الشعر