الداعية الصغير - طفل يدعو أرسيناس - أحمد علي سليمان

نصحَ الصغيرُ ، وخصّني بدعاءِ
ورجا مليكَ الناس خير رجاءِ

لم يدّخر جُهداً ، ولم ين عزمّة
بل جدّ في فوريةٍ ومَضاء

وتحمّل النصبَ الكثير مُردّداً
اللهُ حسبي في عظيم بلائي

وتكبّدَ الآلامَ ، واختصرَ المَدي
ومضى وحيداً رغم كل شقاء

في سِنهِ الأطفالُ يلهو جمعُهم
مِن نشوة الإصباح للإمساء

ولهم طرائقُ في التضاحك جمّة
بين الأنام نقية الأصداء

لم يعرفوا جداً يُقوّي عزمهم
والجد يشحذ همّة الضعفاء

كلٌ يُعايشُ في الطفولة طهرها
أكرمْ بهم مِن مَعشر بُرآء

كلٌ يُداعبُ لعبة طابت له
ويُحبُ صحبتها على استحياء

كلٌ يُرَجّعُ أغنياتٍ صاغها
ويلوذ أحياناً ببعض حُداء

كلٌ يُدندنُ - للحياة - تبختراً
في سِلمه ، أو حَربة الشعواء

كلٌ يؤلفُ - في الصفاء - قصيدة
في عالم ما فيهِ أيّ صفاء

لكنّ صاحبنا تفرّد بالمَضا
وكأنه مِن صفوة العلماء

يدعو إلى الله الألى لم يؤمنوا
فترنحوا في لجّة الأهواء

فأتى إليهِ في اشتقياق بالغ
أن يستجيب لوعظه الوضاء

حمل الصحائفَ واثقاً في هَدْيها
إذ خطها الوُعاظ للجهلاء

واللهُ يَهدي - من يشاء - لنوره
ويُضل مَن يأوي إلى الظلماء

إني عجبتُ من الصبي وحالهِ
والأمر يستهوي انتباه الرائي

فلقد سباني سَمْته وسُلوكه
والطبعُ في السراء والضراء

وصلاته والصدقُ في أقواله
وتواضعٌ للناس في استعلاء

أسلمتُ لما خصّني بكُتيب
ولربه أزجى عطيرَ دعاء

واللهَ أسألُ أن يبارك توبتي
ويُعيذني مِن نِقمة الأعداء

© 2024 - موقع الشعر