القمر المنتقب الصغير! - أحمد علي سليمان

قمرٌ أطل من السماء الصافية
فأضاءَ دنيا – بالتبرج - داجية

قمرٌ أهلّ ، فلا تسلْ عن حُسْنهِ
وجماله ، وخِلاله المُتسامية

قمرٌ تجلبَبَ بالحياء تعبداً
مُسترشداً ، وبكل نفس راضية

قمرٌ تهابُ العينُ طلة وجههِ
فاختار سترَ الوجه ، يَعذرُ رائيه

قمرٌ تربّي ، فالفضائلُ سَمتُهُ
في بيئةٍ فيها الرذائلُ بادية

قمرٌ يُناولنا الحَشامة والحيا
غمرتْ زهاءَ الوجه ، بل والناصية

قمرٌ تأبّى أن يُغازلهُ الغثا
إما تمكيجَ ، شأنَ أشقى غانية

قمرٌ تسامى في التمسّك بالهُدى
لينال في الأخرى الجنانَ العالية

لم تُغرهِ مُتعُ الحياة ، وإن حلتْ
مَن رامَ زخرفها طوتْهُ الداهية

مازلتُ أعجبُ مِن عباءته التي
جلتْ لنا ذكرى السنين الماضية

ذكرى لأسلافٍ مَضوا تحت الثرى
عاشوا على سُنن الرشاد الهادية

قمرٌ صغيرٌ ليس بعدُ مكلفاً
لمّا تُصارعُهُ (السلومُ) البالية

لمّا تُجَرّعْهُ التقاليدُ اللظى
لم تسقه العاداتُ كأسَ الهاوية

لم تُملهِ الأعرافُ ساقط شرطها
وشرائط الأعراف حقاً عاتية

وحضارة اللذات ما أزرتْ بهِ
إن الحضارة - في المدائن - فاشية

قمرٌ صغيرٌ ، ما أجلّ بهاؤهُ
أغرى بنظرته الشرود الغاوية

ودنا إلى قلمي يُسِر بكِلمةٍ
كانت بياناً بالحروف النادية

قالت له: صغ ما رأيت قصيدة
ولك اختيارُ البحر ثم القافية

واحذرْ مبالغة تُناقضُ نصَها
وتخير الألفاظ تُفصحُ صافية

وتخير العنوانَ يأسرُ قارئاً
وابعدْ عن التشبيب يُخزي الجارية

وصِفِ الحجابَ جميلة أوصافهُ
حتى تُحببَ - في التستر - عارية

وصِفِ النقابَ مُدَعّماً بأدلةٍ
إن الدليل يردُ كيدَ الهاذية

ورأيتُ من قلمي استجابة ما ارتأتْ
وسمعتُه يعِدُ الفتاة الزاكية

ويقولُ: أفعلُ إن وعدتِ بموثق
والوعدُ مسؤولٌ ، وإنكِ واعية

هو أن تكوني هكذا مستقبلاً
لا أن تعودي بعد رُشدٍ عاصة

إما أتى التكليفُ كُنتِ حشيمة
بحجابها ونقابها مُتباهية

قالت: يمينَ الله أفعلُ إنني
في طاعة الرحمن ألقى العافية

مناسبة القصيدة

القمر المنتقب الصغير! (إنه لمن الجمال الذي لا حدود له ، أن تُنشّئ الأمهاتُ بناتِهن من الصغر على الحِشمة والحجاب! حتى إذا بلغن سن التكليف ، لم يكن عسيراً عليهن الحجاب لأنه بات جزءاً من ثيابهن التي ألفِنها من الصغر! خاصة في زماننا هذا الذي قل خيره وكثر بلاؤه وشره!)
© 2024 - موقع الشعر