الأملُ يرتصد التصابي! - أحمد علي سليمان

الأمنياتُ لها معنىً ومضمونُ
وفي التصابي تُناجيكَ البراهينُ

أراكَ بالأمل المعسول منبهراً
وقد يكون مع الآمال تمكين

هذي الطموحاتُ مَن يُعين صاحبها
بعد المليك؟ وعونُ الصحب مظنون

والشيبُ داهمَ فذاً كله أملٌ
والحالُ تحكيهِ للناس الدواوين

مضى الشبابُ بخير العمر مرتحلاً
كما يَشُقّ عُبابَ الأبحُرِ النّون

والذكرياتُ - على الشراع - باكية
أما التصابي فبالأحزان مرهون

والعيش بالأمل السعيد مبتشرٌ
وبالرجاء يزول الهَم والهُون

والخوفُ سيفٌ على الإحساس سُلَّ ضحىً
لو كان لي من أسى بلواه تحسين

والحب يُهدي الطُّموحَ العذبَ أمنية
حتى يكون له في الخير تطمين

يا ناس قلبي بما أرجوه محتفلٌ
ودربُه للذي يسعى له الدين

لم آلُ جهداً ، ولم أركنْ لمعذرةٍ
وشاهدي الناسُ ، والأشعارُ تضمين

أوْليتُ شعري اهتماماً لا نظير له
إن الحياة لشعر المرء تدوين

ولم أضنّ على شعري بغاليةٍ
مِن الغوالي لكي يعلوه تحسينُ

أفنيتُ عقدين من عمري أهذّبُه
لكي يُغرّد فوق الشعر تلحين

وكنتُ أعطيتُه لمن يُقيّمه
وبعد ذلك آوتْه الدواوين

ولم أغازلْ - معاذ الله - غانية
كلا ، وما طاب لي مدحٌ وتدشين

ولم أجاملْ بهذا الشعر من أحدٍ
شعرُ المُجامل تهريجٌ وتوهين

سجّلتُ مُعتقدي فيما صدحتُ به
والصدقُ في الشعر إيضاحٌ وتبيين

ولم أضلِّلْ لكي أنال مرتبة
لا يستوي البدرُ وضاءً وعُرجون

وكنتُ ضحيتُ بالأموال طائلة
إن الدنانير للأشعار عُربون

عمري يَمُرُّ ، وشعري في القيود جَثا
وفي القراطيس تعروه الأظانين

راح الصبا ، ومضتْ فحوى شَبيبتُه
والشيبُ حلَّ ، وللشباب تأبين

إني أسائل: هل نجم القريض خبا؟
وفي الفؤاد أراجيفٌ وتخمين

ماذا يُخَبّئ آتِ الدهر من أمل؟
وفي الضمير من البلوى أفانين

والأمنياتُ لها صدىً يُداعبني
وللطموح أغاريدٌ وتزيين

شتان بين فتىً يحيا لمَكرُمةٍ
وآخر همُّه الدينارُ والطين

ولست أعمَد للألغاز مُبهمةً
إن القريض تُناغيه المضامين

لا يستوي الشعرُ تُهدي الصدقَ لفظتُه
والشعرُ فيه سرابُ الإفك مكنون

إلا إذا استويا عِزٌّ ومَتربة
أو استوى الشيحُ - في المذاق – والتين

© 2024 - موقع الشعر