الابتلاء سنة ماضية - لا يدع الله الناس عند الادعاء - أحمد علي سليمان

الحمد لله القوي السيدِ
حمداً كثيراً طيباً بتعدّدِ

هو ربنا ، هو حسبنا ونصيرنا
سبحانه مِن ناصر ومؤيّد

ونعوذ بالله العظيم من الهوى
من شر نفس غارم ومؤبّد

مَن يهده الله القدير فمُهتدٍ
وإذا أضلّ ، فليس بعدُ بمُهتد

وشهادة أنْ لا إله سوى الذي
رفع السماء ، وغيرَهُ لم نعبد

وشهادة أن الرسول محمداً
هادي الورى ، يا دارنا فلتشهدي

صلى عليه الله مادامت سما
ءٌ والدنا ، يا أرضُ بعدي ردّدِي

صلى الإلهُ على النبي وآلهِ
والصحب ، والأتباع ، حتى المَوعد

هذا القصيدُ هدية من مبتلىً
قتل الأسى أحشاءه بتشدد

بالحزن أسْطره على أحوالنا
وبكل كرب بالمهالك مُزْبد

بالدمع أسكبُه على غدر الشقي
ق ، ولا أبالي مِن جحيم المَوقد

هوَ بالجوى مُزدانة أبياته
والزيفُ مُجّ ، فيا تعابير اشهدي

وقد استقل البؤسَ مركبَ سيره
ويح اليواقيت العِذاب الخُرَّد

بدمي كتبتُ سطوره وحروفه
وبكل دمع في الحنايا مُسْهد

والغدرُ مَخبثة تُخمِّش مُهجتي
والشرّ يكوي في الصدى المُتبدد

والظلمُ حط رحاله في خيمتي
والكبتُ نازعني سروري بالغد

غدرَ الشقيقُ فلا أرى أرضاً تقِ
لُّ مُحطماً بعذابه المتنهد

ومضى يرُجّ الأرضَ يزعم أنه
فرعونُ ، يا للمستبدِ الألكد

هو ظن أن الخير مِن نفحاته
والشرّ مِن تكشيره المُتوقد

يا للجهول بحجمه وحُدوده
مَن أنت حتى تجهرنْ بتوعّد؟

مَن أنت حتى تشهرنْ سيفَ الخي
انة في الوجوه؟ ومَن يَخفْ يتهدد

مَن أنت حتى تأكلنْ لحم الصدي
ق؟ وإن تناصَحْ ، بالصديق تندّد

مَن أنت حتى تشربنْ دمه بك
ل شراهةٍ ، مثل الفصيل المِلسَد؟

مَن أنت حتى تلعبنْ بعواطف ال
أيام ، تجرحُها بغدر الألكد؟

مَن أنت حتى تلهونْ بمشاعر ال
أقوام؟ ويح الهازلين الشرّد

مَن أنت يا متلوناً بمُسوح رُه
بان تخبئ زيفها بتعبد؟

مَن أنت يا قِطاً وديعا في ربو
ع الجاهلية؟ نار مَن لم يلحد

مَن أنت يا سوطاً تسلط فوق أع
ناق الهداة؟ ومَن يعارِضْ يُجلد

مَن أنت يا متربعاً فوق السرا
ب تذوب وجداً للطغاة؟ ألا اهتد

مَن أنت يا متسربلاً بالوهم تط
محُ للحضيض بكل بأس أتلد؟

من أنت يا حِرباءَ صحوتنا هنا؟
يا أفعوان كفاكَ لسعاً في اليد

ألهت ذاتك ما ارعويتَ لآهتي
عجباً لأمرك من خبيثٍ أوبد

وزعمت أنك تمنحُ الناسَ الغنى
زعماً تلوّن بالضلال الأسود

وتقول أني قد كفرتُ بنعمةٍ
أنعمتها - يوماً - على المتشرد

وخصصته برعايةٍ فأزاحها
فسحبتها سحبَ الرباب الأكيد

وتقول أنيَ قد كذبتك دائماً
ونسجتُ من شِعري عِباءة مَرثد

وتقول لم أعمل لديني لحظة
وعملتُ للدنيا بكل تعبّد

وتقول ضاقت أرضكم بضيافتي
وأراك قد أدنيتُ كل معربد

وتقول أني قد خذلتك في الورى
أواه من مَحض ادّعاءٍ أجرد

وتقول ضل طريقه وسلوكه
هو قد مضى ، ولوى زمامَ المَوقد

وتقول إنك في الإله نصحتني
ونفحتني أبداً بكل تجرّد

وتقول إنك في الورى زكّيتني
وسحبت تزكية ، ولم تتردّد

وتقول إنك طالما أطعمتني
وسقيتني وكسوتني مذ مولدي

وتقول إنك طالما وجّهتني
نحو الهداية يا لفقه المُرشد

وتقول إني ما ارعويتُ لنصحكم
ومضيتُ في دربي ، ولم أكُ أهتدي

وتقول: هذا لستُ أعرفُ دربهُ
قد حِرتُ في تفكيره المتجدد

للهم سلمْ مِن فؤاد بالأغا
ليط امتلا ، وعلى الأذى متجلد

ومضيتَ للشيطان تلتهم الخطا
تلو الخطا ، وأخذتَ شورى الأمرد

وطرقتَ باباً مُغلقاً بمزالج
أيقظت فِتنة مُستبدٍ قمهد

وهمست في أذنيْ إسافك لم تخفْ
رب السماء ، فيا لبؤس المشهد

ورأيته عُمراً ، ورُحتَ تُعينه
وأطعته مثلَ البعير الأقود

طوّعت آي الله للشيطان حس
بك ، تبْ إلى مولاك ، ويلك مِن غد

وذكرتني بالسوء لم ترحمْ رضي
عَيْ خيمةٍ ، أبئسْ بغدر الغرقد

كيف انحدرتَ إلى الجهالة هكذا
ونسيتَ نفسك في خِضم الأقتُد؟

كيف انزلقتَ إلى الضلالة جُملة
وطحنتَ سُمعتنا بشِدق أهرَد؟

كيف اشتراك الغدر بالدينار حت
ى قلت زيفاً في الهُمام الأصيد؟

بل كيف طاوعتَ اللسان بسرعةٍ
فسعى اللسانُ يروم بأس مهند؟

أنتم على التوحيد سيفٌ صارمٌ
بيد العِدا ، يغتالُ كل موحّد

وعلى الضلال حمائمٌ مألوفة
وأزاهرٌ صبغتْ ببعض تورّد

قاطعتُ قائلهم بثورة مؤمن
يا شيخ فاكتمها ، ولا تتصيد

ليست تصدّق ما سمعتُ طبيعتي
ورحى العمالة باللظى لم توقد

وأتيت تطلب أن أواري حُجتي
يا للدعيّ المفلس المتحرّد

وأشمّ في كلماتك الجوفاء عُه
ر (عزيز مصر) برمش عين ألود

يا أيها الصّدّيق أعرضْ لا تح
دثْ بالذي يجتاحُ عرشَ العَمْرد

واستغفري يا أيها العصماء لل
ذنب الذي قارفته بتعمد

أتريد مني أن ألملم صرختي
وتقولها: بالزور فلتتزود

يا أيها المغرورُ لو برّأتكُم
لطعنتُ نفسي بالحُسام المُصْرد

مَطلوبكم هذا بكل صراحةٍ
يعني اتهامَ عقيدتي بتمرّد

والصدقُ منجاةٌ ، ويعلم ربنا
هو شِيمتي ، بل سَمتُ كل موحّد

فلئن سُئلتُ فسوف أنطقُ بالحقي
قة والصراحة رغم كيد المعتدي

قد كنت أرجو ، فيك خيراً وافراً
خيّبت ظني وانفعالة سُؤدَدي

يا سَوأتي فيما رجوتُ وخيبتي
فيما ظننتُ بشامتٍ ومندد

أسفي على التوحيد مِن أمثالكم
مِن هازل ومُضيِّع ومبدِّد

مِن خائن ومعظم شأن الهوى
مِن حاسدٍ لدجى الأذى مُتعمد

مِن مُفْتَر ، ومُفتِّر ، ومفتَّر
هو - في الترخص - حازمٌ بتشدد

ونراه - في كل العزائم - أنث
ويَ الطبع رخواً ، ليس بالمتشدد

ويلٌ لنور أهله يتفيهقو
ن على الغثاء ، وجهدهم بتزيّد

ويل لحق أهله يتكلمو
ن ، وجمعُه في البأس لم يتجلد

وهو الذي صنع الشقاء ، وبات في
قعر العمالة عبقرياً يفتدي

يا أيها الجمع الذي سماكم ال
أقوام صحوة هدْينا ، فلترعد

حتى تُخالع ما اعتراك من النفا
ق ، فعِز أهلك في اللظى المتبلد

إن النفاق ينالُ منك حقيقة
ورمتك بالبلوى عيونُ الحُسّد

فإلى متى هذي النكاية والشكا
ية ، يا فؤادي في الخراب المُفسد؟

وإلى متى التوحيدُ يُذبح جهرة
بسيوف جمع - في العمالة - جلمد؟

وإلى متى أهلُ الهداية حقهم
متسربلٌ ثاوٍ بمِخلب جَلعد؟

وإلى متى أهلُ النفاق نراهمُ
فوق الرؤوس ، ومَن يسُدْ يَستأسد؟

وإلى متى أهلُ الرياء نِعالهم
فوق النفوس ، تبيدُ شَهد السُؤدَد؟

وإلى متى الجمعُ الهزيلُ يدقُ خي
مته ، ويطعنُ - في الهُدى - كالمهتدي؟

وإلى متى أهلُ الشِقاق يذبّحو
ن رجال هيعتنا بألفي عُندَد؟

وكأنهم كلأ مباحٌ ، أو بعي
رٌ فرّ مُلتاعاً مِن المتورّد

واللهُ يعلمُ أنه نورُ الدجى
لم يسع في الدنيا لمال لبّد

إياك أعني يا عميلُ بذي الدنا
قبّحْتَ مِن أذن الضواري أبرد

أنا أشهدُ اللهَ العظيمَ بأنكم
ما قلتمُ شيئاً يفيد المهتدي

أقررتمُ زورَ الطواغي غِيلة
وقهرتمُ حقّ المليك الأوحد

وعلى البرايا صِحتمُ ، وبكيتمُ
وشكوتمُ شكوى الذي لا يهتدي

وزعمتمُ أن التعاميَ جُنة
وأخذتمُ التوحيدَ مَغنم ثوهَد

وأكلتمُ خبزاً بهَدي مليكنا
وسعيتمُ للنار سعي العَجْرد

في كل شأن صاح مُنذر هزلكم
إلا الطواغي ، كان كالمستأخذ

يا سعد أهل الجاهلية بانفعال كلامكم
فله بريقٌ خاطف كالحِفرد

أعني دمار المخلصين بدعوةٍ
مشبوهةٍ في الموقف المتصعد

تتطاولون على الكِرام بلا دلي
يل واضح ، أو حُجةٍ لمُجَدّد

وقد استطلتم والغين بعِرضهم
واحَرّ قلبي مِن صَنيع مُوعِد

تاجرتمُ في الهَدي بالدينار حي
ناً ، ثم سرتم سيرة المُتحرد

لمَّا تُراعوا حُرمة لأقارب
ويح الأقارب مِن صنيع حلقد

فعذابُكم آثاره تُدمي القلو
ب ، وفي النفوس إهانة المتمرد

كنا نراكم طيبيين أشاوساً
واليوم ثأرٌ بيننا ، لم يبرُد

وغدا الوفاء شحيحة أثارُه
وطغى العَداء كما يثور الصلخَد

والناسُ لا تدري حقيقة جمعِكم
هم لا يرون سوى الهوى المترفد

هم لا يرون سوى السراويل القصي
رة ، تُرتدى ، وكذا التفاف البرجد

هم لا يرون سوى الكلام المنتقى
مِن هازل - في الحق - فعلاً مُجمِد

هم لا يرَوْن سوى الدروس تنظمتْ
وتحدّدتْ كالنهر بين الأوهُد

أما الحقيقة فهْي في قاع الهوى
أما القلوبُ فصخرة مِن قِردِد

أما العقولُ ففي الفلوس تساقطتْ
تهوى الحضيضَ ، ولا تخِفَّ لأنجُد

أملُ العقول محاورٌ همجية
قبّحتَ مِن أمل شقيٍّ حَدْرَد

عزوا ، الحنيفة في طعين ماجدٍ
مولى المغيرة مُتْ بغيظٍ مُزبد

أما الحنيفة فالإله حسيبُها
ودمُ الشهيد عليه يبكي المُقتدي

جاد المليكُ على (أبي حفص) فغش
اهُ الشهادة ، فانبرى كالمفتدي

وكأنني (فاروقُ) يومي بعده
وسْط النفاقِ المُستكين الحَيِّد

© 2024 - موقع الشعر