ابدأ بنفسك قبل نصح الآخرين - أحمد علي سليمان

ابدأ بنفسك ، إن العُمر مُرتحلُ
وجمّل الفعلَ ، لا تذهبْ بك السبلُ

وإن عيشك ساعاتٍ مُقسمة
كذاك أيامنا ، يا صاحبي دول

لا ألفينّك – بين الناس - مفتخراً
صُنْ ماء وجهك ، أنت اليوم مبتذل

تعيب كل الورى ، من غير ما سبب
كأن عقلك - في التقييم - مختبل

الناسُ حمقى ، وأنت الشهم يا بطلاً
هوّنْ عليك ، ولا يلعبْ بك الأمل

وتنقدُ الكل مُستاءً لما اجترحوا
تخال نفسك – فوق النقد – يا عَجل

تغتابُ جمهرة من بينهم بطراً
وغِيبة الناس ليست طبعَ مَن عقلوا

وتكثِر اللوم والتأنيب مُشتهياً
أقصرْ أخيّ ، فشيْبُ الرأس يشتعل

عَوارُك اليوم - في الأقوام - مُفتضحٌ
مهما تواريت يحكي سوءَك الطلل

قم فاغسل النفس من سُوآى ضغينتها
واسأل فؤادك: أين العيبُ والخلل؟

يا صاح عجّلْ ، فإن الموت منتبهٌ
يهفو إليك ، وخطبُ المنتهى جلل

فابدأ بنفسك ، دع للغير عالمهم
وزيّن القول ، لا يحلو لك الجدل

وهيِّئ النفسَ لاستقبال غايتها
أنت اللبيبُ ، فجدّ السير يا بطل

هلا قرأت كتاب الله ممتثلاً؟
هلا امتثلت كذا ما قالت الرسل؟

إن الشريعة لم تتركْك دون هدىً
بل حددتْ غاية المخلوق يا رجل

يا هاديَ الناس ، أنت اليوم مفتقرٌ
إلى الهداية ، غاضت عندك العِلل

يراك كل الورى بالحق منطلِقاً
تدعو الأنام ، وبالتوحيد تنفعل

أصبحت – من حبهم – بالرغم قدوتهم
أنت الأصيلُ ، وأنت النورُ والمَثل

ابدأ بنفسك لا تغررْك قولتهم
إن الستار - على الزلات - منسدل

تعلّم الصدق في سر وفي علن
فالصدقُ مَنقبة بالبر تتصل

عليك بالنفس ، فاستكملْ محاسنها
إن الجمال ببذل الخير يكتمل

والله ناصرُ مَن يحيا بشرعته
كأنه بين قطعان الورى جبل

© 2024 - موقع الشعر