البَلْوَى..... - محمد عبد الحفيظ القصّاب

6-
البَلْوَى.....
---------------
 
أجلسُ اللحظةَ في هذه الدُلجةِ –إنّهُ أوّلُ أو آخرُ الليلِ - , حقيقةُ الفجرِ غامضةٌ داخلي ؛الليل بلوى, الفجرُ بلوى فريدة, النهارُ بلوى, الهواءُ بلوى, الماءُ .., النارُ .., " أنا ,أنتِ" ..... بلوى لهذا الشعورِ بالأشياءِ؛ كلُّ ما تقعُ عليهِ الأسماءُ فتستقبلهُ حواسُنا ....بلوى .
" أنا ,أنتِ" ..... بلوى لهذا الشعورِ بالأشياء, كلانا بلوى مع هذا الوجود, لن أستطيعَ لأبعدَ من هذا أنْ أستثنيكِ من الوجودِ ... أنْ أجرِّدكِ من قواكِ الدافئة .
عذرًا لأنّي قشطتَ لحاءَ السنبلةِ، ولم أستطعمْ لونَها المسحوقَ في دمي . عذرًا لأنّي أسرعتُ بالفرارِ من كوني إنسانًا –ضعيفًا- لأبدو قويًا، وأنتِ ضعيفة.
عذرًا لأنّ عينيَّ لم ترَ سواكِ في معركتها مع الأضّداد, فاستطاعتْ إلى حدٍّ ما أن تلغي مبدأها فألغتْ بذلكَ ضعفكِ , ووضعتكِ في المواجهة ؛ عذرًا لأنّ كلينا حقَّ عليه هذا الضعف؛ كلانا غريبٌ في وضحِ هذه المعمعة .
ما أصبحنا أكثرَ من اثنينِ من نوعٍ واحدٍ، رغم هذا العددِ الهائلِ من الأغراب .
نزلنا إلى هذه المنفى , تكبّدْنا مشاقَ القدرِ لكي نلتقي ... والتقينا ...وما زلنا ننتظرُ الرجوعَ إلى وطننا -الخلد- وطنٌ فيه الآنَ شبحانِ من لونِ هذا الوجود؛ لن يكون هناك طعمٌ لهذا الحنينِ إلى الوطنِ الأوّلِ إذا لمْ نلتقِ, ولا بدَّ أنْ نكابدَ مشاقَ القدرِ حتى نكونَ معًا.
يا أنثايَ الرائعة؛ ليس مهمًا كيف نكونُ الآن, وعلى أيّةِ شاكلةٍ صورنا . ..أجميلان كلانا ..؟ أمِ العكس..؟ أمْ أحدُنا ....؟ فنحنُ سنعودُ رائعينِ كما كُنّا، نُزَفُّ إلى الوطن ....
إنني أقفُ الآنَ وقفةَ المسترجعِ لهاثهُ بعيدًا عنكِ, عُذرًا لأنني أحببتكِ بلونٍ واحدٍ، وقد خُلقنا بألوانٍ رائعة ......
***********
طفلُ الحرف(18)
 
محمد عبد الحفيظ القصاب
1993
© 2024 - موقع الشعر