الاحْتِراق.. - محمد عبد الحفيظ القصّاب

2-
الاحْتِراق
-----------------
 
كيفَ لي أنْ أقفَ لحظةً دونَ احْتِراق !!؟
ما دمتُ جسدًا يحترقُ حتى الموت!, خلاياهُ تبشّرهُ بالوصولِ إلى الرمادِ, ما دامتِ الحياةُ تحترقُ حولي, وكلُّ ما حولي دائمُ الحركةِ إذًا هو دائمُ الاحتراق ..
الجريمةُ الأولى توضّحتْ, وأصبحتْ تُعادُ بحذافيرِها فوقَ صفحاتِ التاريخِ البائسِ, شأنَ احتراقي في ذلك, شأنَ القضيةِ الأولى, قضيةُ الطموحِ نحو الأفضل .
ما نختلفُ فيه, اختلافُ الطرقِ فقطْ، والهدفُ واحدٌ .
طموحُ الفاعلِ الأوّلِ هو الأنثى الأفضل.. بتقديرِ عقلهِ الأوّل ولا سبيلَ في الوصولِ عبرَ طريقهِ إلى الهدفِ إلاّ عن طريقِ الجريمة!, وواقعةُ الفعلِ جاءتْ على كائنٍ آخرَ , يشبههُ في الكينونةِ ويخالفهُ في الصفةِ .
الطموحُ لدي يجتمعُ حتى يلتقي بمجموعهِ المعقَّدِ، ويسيرُ مجبرًا نحو الجريمةِ – الاحتراق .
لكنّ واقعةُ الفعلِ جاءتْ مع الكائنِ نفسهُ, وليسَ شُبهةً مقدرةً عَلَيّ، ولا مخالفةً في الصفةِ إنّما مخالفةٌ في الذّات, والهدفُ أصبحَ متّفقًا عليهِ؛ هدفُ الجريمةِ – الاحتراقُ – الأنثى .
الحاجةُ إلى الذّاتِ حينَ لا تجدُ كائنًا ما.. يستعطيكَ هذهِ الحاجةَ, لتصبحَ كائنًا ناقصًا يعطي لنفسهِ الحاجةَ.. فيحرقُها ليسترجعَها على ذاتهِ دخانًا, يبقى ليؤنّبكَ على فعلتكَ، أو ليشعركَ بما وصلتَ إليهِ من ضروبِ الانهيارِ والهزيمةِ, وليعيدَ إليكَ خصوصيّةَ الحقيقةَ.. بأنّكَ فقطْ مع نفسكَ وأنَّ الحاجة َإذا استدعيتَها ...لن تجدها إلاَّ في ذاتك! .
--------------------------------
طفلُ الحرف(18)
محمد عبد الحفيظ القصاب
 
الأربعاء 13 1 1993
© 2024 - موقع الشعر