ثالوثُ الرَّماد (أنثى الوجهِ الآخر) - محمد عبد الحفيظ القصّاب

ثالوثُ الرَّماد (أنثى الوجهِ الآخر)
*******************************

من هنا من فيضِ آلامِ الغريبِ
أنهرٌ قد أورقتْ وردَ الشحوبِ

في دمي في الوجه في دمعٍ نحيلٍ
حجرٌ كالحبِّ كالرهجِ اللَّعوبِ

من هنا حشرجةُ النايِ المسجَّى
يحفزُ الصدرَ على رجعٍ رتيبِ

يرسمُ الصبحَ لعهدٍ ليسَ آتٍ
والليالي كالرحيقِ المستريبِ

طعمه النأيُ إذا فاضَ بقربٍ
وله الجنَّةُ من فيضِ الذنوبِ

يعجنُ الشهْدَ كأحلامِ شبابي
فحقولُ السُهْدِ أقلامُ القلوبِ

يقْلبُ التاريخَ أيَّاماً سبايا
ويطوفُ الأسرَ في طيرٍ عجيبِ

من بقايانا ولدنا وارتحلنا
في رمادِ الخلق للوادي الخضيبِ

لا تطأْ بالجرحِ وادينا فنحيا
وابتعدْ بالكونِ، بالرملِ المشوبِ

دعْ فتى الموتِ يجازيكَ بخوفٍ
كالسراديبِ مفاتيحُ الهروبِ

من هنا يبدأ جُرْحي في التلاهي
يعبد النزفَ على لونٍ طَرُوبِ

لون ريحٍ دون ثغرٍ عند صخرٍ
وكهوفٍ في المرايا والمغيبِ

ورمادٍ بعد عصرٍ ليس فينا
سوف يُحييْ جسدينا في اللهيبِ

سوف تحتلِّينَ أشلاءً وتيهاً
من زفيرِ الفكرِ من حلْقِ الهبوبِ

عندها أسقيكِ أسرارَ سمائي
بكؤوسٍ هائماتٍ في الغروبِ

فاعبثيْ بالريحِ في كلِّ حقولي
واعصفيها واخلقي لونَ الطيوبِ

واحملي من كلِّ حرفٍ في رمادي
يتماهى البعثُ من خلقٍ مُريبِ

تنجبينَ القلبَ من نخلةِ رفضٍ
واحةُ الخلدِ بأشباهِ الوجيبِ

فإذا أورقَ لوني في هَوَاها
فاسألوا ريحانةَ الحبِّ السليبِ

**********************19
طفلُ الحرف (17)

حمص 92
محمد عبد الحفيظ القصّاب..

© 2024 - موقع الشعر