مِنْ وَحْيِ الاغْتِراب - محمد عبد الحفيظ القصّاب

مِنْ وَحْيِ الاغْتِراب
---------------------------
غريبُ الدارِ أنْهَكَهُ الحنينُ
فهلَّا عَادَ للرَّحمِ الجنينُ
 
رمتهُ يدُ المخاض ِعلى رمادٍ
تمنَّى لو تناديهِ البطونُ
 
أنا والصمتُ آخَتْنا ليالٍ
فما عَلِمَتْ بما تَهوى العيونُ
 
ولا شعرتْ بما قد نكتوي منْ
طوالٍ في تَعَذُّبِنَا السنونُ
 
سألتُ الليلَ أنْ يُبقي سُهادي
لأجلِ الليلِ قد يُبلى اليقينُ
 
فأشكو للنجومِ جفاءَ حظِّي
بلا بدرٍ .. فَمِنها أستبينُ
 
هو الخصمُ البليدُ إذا احتواني
مقيتٌ في مُلاقاتي بَدينُ
 
يجوسُ مساوئي بالكاشفاتِ الْ
لَتي .. نقمتْ عليَّ بما أصونُ
 
وفي الكلماتِ للصدقِ اجتنابٌ
كما يخشاهُ في الحقِّ المَدينُ
 
شراعُ عزيمتي أشقى رياحي
وقد أقوتْ بِرَاكِبِها السفينُ
 
فهذا من مُصَارَعَتِي المنايا
وظنِّي في مُثَابَرَتِي أكونُ
 
فكانَ الوهمُ أصْدَقَ ما أراهُ
وأصرخُ فالصدى: صَمتٌ سُكونُ
 
معذِّبَتي مسوخًا من خيالٍ
وأشباحاً على ليلي تكونُ
 
فأيّ صبابةٍ في القلبِ صبَّتْ
وعقلي قد تكفَّلَه الجنونُ
 
إذا بَرِحَتْ مَضَتْ والروحُ عندي
فتشكيلُ الهوى منها فنونُ
 
إذا جمعَ امرؤٌ أشتاتَ قلبٍ
له من كلِّ غانيةٍ معينُ
 
فقد يطويهِ في الحبِّ اغترابٌ
عقيمٌ في الهوى صلدٌ حصينُ
 
تلوكُ حشاهُ في صمتِ الليالي
هواجسُ تَصْطلي فيها الظنونُ
 
عجبتُ لحالِ قلبٍ دُونَ حقٍّ
يذوبُ بمنْ يحبُّ وقد يخونُ
 
---------------------------
طفلُ الحرف(14)
19
محمد عبد الحفيظ القصاب
حلب -1989
© 2024 - موقع الشعر