فَتَحُوا جِراحَ المَوت - محمد عبد الحفيظ القصّاب

فَتَحُوا جِراحَ المَوت
--------------------

فتحوا جراح الموت يا قانا
أخت المذابح عاد ما كانا

دمك النقيّ طهورنا حججًا
والقاع قد آخاك فرحانا

والجنّة الحمراءُ وامتلأتْ
شيبًا وأطفالًا وشبّانا

متلهّفٌ للضيفِ خازنها
بشراكِ يا فردوسُ سكّانا

بشراكَ يا مَن صافحتْكَ يدٌ
للمصطفى أنْ صِرتَ جيرانا

زفّوا الطيور إلى مرابعها
طوفوا رياض الخلد أركانا

وتزاوروا وتحادثوا زمرًا
وادعوا لنا بالنصرِ رحمانا

نحنُ البقاءُ الزيفُ يجمعنا
قد ذلّنا إنْ كان أحيانا

أختَ المذابحِ كيفَ يُسعفنا؟
أنّا نسينا كلّ ما كانا

تطويكِ أوراقُ الزمانِ سدًى
تبقينَ للذكرى دمًا هانا

عُدْنا وعَادَ الموتُ يكتبنا
في خطّهِ أرواحُ موتانا

إن كان من صفحاتِ حاضرنا
هذا الدمارُ وصارَ عنوانا

عدنا وعادَ الموتُ يجمعنا
من حيثُ كانَ الجمعُ فرقانا

عدْنا كأنَّ الموتَ يذكرنا
تهْنا كأنّ العيشَ ينسانا

فتحوا جراحَ الموتِ واكتملتْ
قمريّةُ الذؤبانِ إنسانا

صهيونُ لا ذئبٌ ولا بشرٌ
أبقاكَ ربُّ العرشِ حَيرانا

صهيونُ لا هدأتْ فَرائِصُهُ
والطفلُ فينا باتَ أقوانا

إنّ المقاومَ زندُهُ شهبٌ
شقّتْ دخانَ الظلمِ نيرانا

حملتْ إلى الأعداءِ نشوتَهُ
في الموتِ إذ قد زادَ إيمانا

لن تردعَ الفرسانَ فورتُهم
في القلبِ ثارَ الحبُّ بركانا

للأرضِ للأنهارِ يا وطنًا
للشعبِ للأحلامِ طوفانا

عرسُ الجنوبِ هدى عرائسَهُ
قد زفّها جمعًا وفردانا

للموتِ أحلى ما تُزفّ له
روحٌ فدتْ عِرضًا وأوطانا

يا للجراحاتِ اشتهتْ وطني
جبلُ الحضارةِ صارَ قيعانا

لو ضُمّدتْ ليلًا على بلدٍ
كانَ الردى في الفجرِ إيذانا

عرسٌ لغزّةَ زفّهُ وطني
جرحٌ قديمٌ للشِّفا حانا

------------
عرسٌ لغزّةَ لا يفارقها

أختَ المذابحِ آهِ كم عانى
رغمًا عن الأوصالِ يقطعها

رغمًا عنِ الأيامِ يهوانا
رغمًا عن الأسماءِ يحفرها

عربيةٌ والقدسُ يرعانا
ما زلتِ تحتلِّينَ منزلةً

بينَ الجراحِ فكنتِ أدمانا
---

عرسُ العراقِ يزفّهُ وطني
كمْ منْ جديدِ الجرحِ أبكانا

أختَ المذابحِ قد تكاثرها
فيكِ الخصامُ فدامَ أزمانا

سُحقًا لمنْ عاداك منتحلًا
صفةَ الصديقِ وزادَ قتلانا

-----------
وطني رخيصٌ؟! أم به مللٌ؟!

من عيشهِ أم باتَ ظمآنا
لا يستسيغُ شرابُه مطرًا

حتى يخالطَ دمّ أنقانا
ذهبتْ*ظنونُ*العالمَينَ*بنا

للقتلِ*أهلونا*وأسرانا
دمُنا مباحٌ، أرضُنا هبةٌ

أعراسُنا للموتِ تلقانا
فتحوا جراحَ الموتِ ما فَطِنَتْ

أحقادُهم مَنْ كانَ سلطانا
نسيتْ ضمائرُهم إذا وُجِدتْ

أنّ الحسابَ غدًا وميزانا
أرواحُنا ملْكٌ لبارئها

سبحان مَن في الموت سوّانا
رحماكَ ربّي سيفنا كَلِمٌ

فاغفرْ لمن يدعوك رحمانا
هذي بلاد المسلمين بكتْ

يا ربّنا نصرًا وإحسانا
----------------------------

محمد عبد الحفيظ القصاب
2-8-2006 م

© 2024 - موقع الشعر