من يرجع بي لشحات - محفوظ فرج

من يرجع بي ل(شحات )
 
مَن يرجعُ بي
لمقاماتِ العشّاقِ البررة
من يلقيني في أحضانِ
الرملِ بأعماقِ الغابة
تَحضنُ رأسَ هلال(١)
تَتَسلَّقُ قوسَ قزحٍ
روحانا حتى رأسِ القوسِ الأعلى
ونعودُ نُسَبِّحُ باسمِ الرحمن
نُطَهِّرها من دَرَنِ المحسوساتِ
ونعيدُ الكَرَّةَ ثانيةً
لِنُجدِّدَ موعدَنا
حينَ تلاقينا
قالتْ لي نورٌ وهيَ تَوَدِّعُني
في السَّلوم(٢) :
لو كانَ بإمكاني أنْ أرحلَ معكَ
لَصَحِبْتُكَ حتى أقصى الأرضِ
لكنّي سوفَ أوَدِّعُ روحي
في شحات
تَركنا فيها حُبّاً ليس تُزَلْزِلُهُ السنواتُ
وَكَرُّ الأزمان
يَتجَدَّدُ عَبَقُهُ في أزهارِ اللّوزِ
في عَبَقُ التُربةِ
في زَخّاتِ الغيثِ القوريني
ركضنا فوقَ العشبِ نُفَتِّشُ
عن ظلِّ صنوبرةٍ تؤيْنا
مُتشابكةِ الأغصانِ
سأظلُّ أرَدّدُ كلماتِك :
( هذي الأرضُ المأهولةُ بالطيبةِ
والخضرة لا تَتَخَلَّيْ عَنها
هيَ أغلى منْ كُلِّ كنوزِ الدنيا
قولي لبنيها : تلكَ الأرض ببرقة
ليس لها مَثَلٌ
إلا بجنانِ الخلدِ
فتفانَوْا فيها هي مَحْيانا
ولتربتِها وبتربتِها مَثوانا
وسيبكي نَدى نُوّارِ اللّوزِ
إذا فارقَهُ الأحبابُ
وسَيَفْرَغُ نبتُ السنبلِ في الوسطيةِ
من قِمْحه
يقفزُ شجرُ الجبلِ الأخضرِ منتحراً
في أعماقِ البحرِ الأبيض )
ماذا في وِسْعِ العُشّاقِ
إذا قَطَّعَ أوردةَ الوصلِ
بهم ليلُ فراقٍ
صاروا أيدي سبأٍ
ماذا في وسعِ المبعدِ
عن دارِ صِباهُ
وأحِبَّتهِ
وأزقَّتِهِ
ومقابرِ أهليهِ
أنْ يفعلَ
قلتُ : حبيبةَ روحي
يكفيني أنَّ وفاءَكِ في حبَّكِ
ساوى فرطَ حنيني
لمرابعِ أهلي
وعلى الرغم من انَّ العامَ الألفينِ وعشرين
اجْتَثَّ الأخضرَ واليابسَ
خريفٌ دامَ وغَطّى الأحياءَ جميعاً
فهوانا ظلَّ ربيعاً لا تبلُغُهُ الشيخوخةُ
أوْ يَطمِسُهُ الاعصارُ
 
د. محفوظ فرج
 
١- رأس الهلال :قرية في الجبل الأخضر في ليبيا تقع شرق مدينة درنة بحوالي 40 كم سميت بذلك الاسم لأن رأسها البحري يشبه الهلال. اشتهرت بشيئين، ١- شاطئها الأخضر حيث تلتقي الغابة مع البحر، ٢- شلالها الواقع على الجبل
٢- السلوم مدينة حدودية مصرية صغيرة قرب الحدود الغربية لمصر مع ليبيا وتقع على ساحل البحر المتوسط ويقع بها منفذ السلوم البري الحدودي مع ليبيا
 
د. محفوظ فرج
٥ / ١ / ٢٠٢١ م
٢١ / جمادى الأولى / ١٤٤٢ ه
© 2024 - موقع الشعر