القِيَـــامَـــة (1) - محمد عبد الحفيظ القصّاب

القِيَامَة
(1)

-------------------
1-دعِ الأيّامَ تَسْتَعْدِي المُهِينا

وأنْظِرْنا نُحارِبْ ما بَقِينا
2-تُقَاتِلُنا جُمُوْعُ المَوتِ طُرَّاً

فَيا رِيحَ المَنَايَا عَانِقِينَا
3-ألا هُبِّي عَلينا كُلَّ ظُلْمٍ

وعَرِّي البَغْيَ شَيطاناً لَعِينا
4-ألا هُبِّي بِأَذْرُعِ كُلِّ غَدْرٍ

وكوني طاعِناتِ القلبِ غِينا
5-وقدْ هَلَكَتْ ثَمُودُ بِذاتِ رِيحٍ

أضَاعَتْ دَرْبَها، بِتْنا القَرِيْنَا
6-رَحَى الأحزانِ تَطْحَنُ دَمْعَ طِفلٍ

وتَحْرِقُ رَضْعَةَ الآمالِ فِينا
7-يَفُورُ على المَدَى تَنُّوْرُ جُرْحٍ

وفاضَتْ منْ دِمَاءِ التيهِ حِينا
8-فَمَا وَجَدَتْ وَرَاءَ الأُفْقِ بَحْراً

ولا حَمَلَتْ مَوَانِينا سَفِينا
9-فهُدِّي صَيْحَةَ الإفْنَاءِ شَعْباً

ويا أجْداثَ حُلْمٍ وَاعِدِينا
10-تَمُوتُ على المَخَاضِ بَناتُ عَينٍ

فَهَذا العيشُ لا يَرْضَى جَنِينا
11-ألا هُبِّي عَلينا كُلَّ شَكٍّ

فَظَنُّ الظَنِّ يَأْتِيْنَا يَقِيْنَا
12-تَشَرَّدْنَا غَمَائِمَ كُلِّ أَرْضٍ

فَيا رُوْحَ البَرَاعِمِ أَنْبِتِيْنَا
13-تَقَاسَمْنَا البَيَانَ ثُمَانَ مَتْنٍ

فَهَبَّ الشِّعْرُ للفيحاءِ عِيْنَا
14-تَنَاثَرَتِ الجَثَامِيْنُ اِحْتِفَاءً

حَصَادُ الحُزْنِ يَجْمَعُنَا أَنِيْنَا
15-فَلَمْ تَأْمَنْ لها أغَوارُ قَبْرٍ

ولا غَدَرَ الفؤادُ بِها حَنِيْنَا
16-ولمْ تُنْصِتْ لنَا أسْمَاعُ حَيٍّ

فَقُمْنَا للقِيَامَةِ شَاهِدِيْنَا
17-ألا قُومِي شَآمُ على وَجِيْبِي

ويَا نَبْضَ الرَّدَى وارِ الدَّفِيْنَا
18- سَلُوا الأمْوَاتَ عَنَّا ..أيْنَ كُنَّا؟!

لَتَنْزِعُ منْكمُ سَلْخَاً جَبِيْنَا!
19- قُرَابُ الأرْضِ طُهْرٌ مِنْ دِمَائِي

تَفَاوَضَ فِيهِ خَمسَةُ لاعِبِينا
20-جِهَاتٌ أرْبَعٌ كانتْ جَحِيْمَاً

حِرَابُ النحْرِ حِقْدَاً تَشْتَهِيْنَا
-----

21-سَيُوْلَدُ مِنْ تُرَابِ الصَّبْرِ طِيْنٌ
يُعِيدُ لنَا وجُودَ الإنْسِ طِيْنَا

22-وتَرْجِعُ يا يتيمَ الكونِ عِطْراً
تفوحُ لكَ الورُوْدُ مُبَارِكِينا

23ويُزهرُ في الشَّآمِ شُمُوْخُ سِحْرٍ
تُعَتِّقُهُ المَلائِكُ يَاسَمِيْنَا

24-وتُومِضُ في سَماءِ الحُبِّ نَجْماً
تَشِعُّ بِكَ الكواكِبُ عاشِقِينا

-----------
25-تُبَارِكُنَا يدُ المَولى سَلامَاً

على سُورِيَّتِي تَحْنو مُعِينا
26-مُصَلَّانا بِظَهْرِ الغِيْبِ، نَبْقَى

لِربِّ العَرْشِ دَومَاً سَاجِدِيْنَا
27-وجافِي الجَنْبَ عنْ أطيافِ ذُلٍّ

أَعِيْدِي كِبْرِياءَ العَابِدِينا
28-عُروشُ الجَهلِ دُكّتْ حِينَ فَجرٍ

فَيا شَمسَ الأصَائِلِ عَانِدِينا
29-فَمَهْما يَعْتَدِي إِنْسٌ وَجِنٌّ

لنا في الرَّدِّ رَبُّ العَالَمِينا
30-ألا قُومِي قِيامَةَ مُنْصِفاتٍ

فَوَعْدُكِ:حانَ نَصْرُ المؤْمِنِينا
-------

31-أيا كُلَّ الظَّلامِ على رَجَائِي
خُسُوفُ العَدلِ طالَ بِنا سِنِينا

32-أيا ثَلْجَ الشَّتَاتِ على شِتائِي
وتَكْتَكَةُ العِظامِ جَرَتْ رَنِينا

33-يَحُوطُ بِنا العَراءُ صَدِيقَ بُؤسٍ
ويَنْحِتُ صَخْرَةَ الشَّكْوَى طَنِينا

34-فَكُنْ يا شِعْرُ حَيًّا في يَدَيَّا
فَخَيْرُ الشِّعْرِ ما وَصَلَ الوَتِينا

35-جُمُوْعُ الثَّاكِلاتِ وَهُنَّ عَظْمٌ
صَرَخْنَ: على القَوافِي أنْ تُدِينا

36- أيا أشْلاءَ طِفْلَتِنَا حُروفِي
مِدادُ الرُّوْحِ يَسْكبُها مَعِينا

37-فَقَدْ نَزَفَتْ جُفونُ الحُزْنِ حِبْراً
تُهاضُ به صِحافُ الكاشِحِينا

38-تَسَاقَتْ رَوْضَةُ الإيمانِ قَهْراً
فيا جَنّاتِ شامِي سَامِحِينا

---------------------------38
20/1/2021

محمد عبد الحفيظ القصّاب
صيدا- لبنان

© 2024 - موقع الشعر