كانت كالنحل - محفوظ فرج

كانت كالنحلِ
—————-
كانتْ كالنحلِ وأنا أرقبُهُ
يَتَنَقَّلُ بينَ القِدّاحِ المُتَجَدّدِ شهريّا
في حمضياتِ الزينةِ
يحيطُ حديقتَنا
أو يهبطُ قسمٌ منهُ
يَتَوَغَّلُ في طَيّاتِ الورقِ
في الوردِ الجوريِّ
يجني ما راقَ لهُ
ويعودُ
كذلكَ كانتْ قيثارةُ تَتَنَقَّلُ في شعري
تتخيرُ منهُ بِرِقَّتِها
صوَراً تخلبُ لُبّي
وتناشدُنِي أنْ تَتَخَطّى أبوابَ مُخَيّلَتي
لتُلَمْلِمَ منهُ صورَ الغزلِ المجنونِ
كما يُجْنى عسلُ الملكاتِ
 
قالتْ : الآنَ عرفتُ لماذا
اتَّحدتْ روحانا
وتماهَيْنا
قربي منكَ قديمٌ
مُذْ أوَّلِ كُمَّينِ مِنَ القِدّاحِ التَقَيا
في غصنٍ نارنجيٍّ بَعَثَا أنفاسَهما
الواحدَ للآخر
ولذلكَ طَمْئِنْ نفسَكَ لن نتفارقَ
أبَداً
برزَخُنا واحدُ
نسقطُ فوقَ سواقي دجلة
أوراقاً بيضاء
ونعودُ إليها ثمَّ تعودُ بنا
سبحانَ الخالقِ
ريحانةَ روحي أنتَ
 
قلتُ : يا ماءَ العينِ
أرَيْتُكِ ما قلتيهِ قديماً وهو لديَّ
قراءاتٍ في مدرسةِ الحبَّ
لكنْ ما عادَ مجيءُ الألفينِ وعشرين
يقاسُ عليهِ الماضي
الماضي وَلّى وَلّى
اجتَثَّتْهُ السنةُ الكورونيَّة منَ الجذرِ
وإذا كانَ بقايا عُمْرٍ مُتَّصلٍ فينا
هو عندي
لكنْ عندكَ غادَرَ في دائرةِ النسيان
محى قولُكِ : أفدي بدمي إطْلالَتَكَ
الحلوةَ
 
 
د. محفوظ فرج
١٧ / ٨ / ٢٠٢٠م
٢٧ / ذو الحجة / ١٤٤١ه
© 2024 - موقع الشعر