أيا بابنا

لـ محفوظ فرج، ، في الرثاء

أيا بابنا - محفوظ فرج

أيا بابَنا
 
أيا بابَنا
ليسُ يعرفُ حُزُنك مَنْ سكنوا
خلفَ سِترِكَ إلّا ثرى العَتَبة
هيَ تعرفُ من سامروكَ على طولِ
هذي السنين
وتعرف كيف اسْتَبَدَّ بأركانِكَ المُتْعَباتِ
الحنين
وتعرفُ أهلَك تحفظُ أقدامَهمْ
تحتَ أعماقِها
وَلِذلِكَ غَذَّتْكَ بالصبرِ مما اعتراك
كان أنسُكَ حينَ يُبَرقِعُكَ
الحبُّ من عَبَقِ الآسِ في باحةِ
البيتِ
من عَبَقِ تَتَنَفَّسُ فيه
شُجَيرَةُ قِدّاحِنا
أيا بابَنا
كان أُنْسُكَ حينَ يعودُ
إليكَ أبي
في الظلامِ بُعَيْدَ ( تعاليلِهِ )
تَتَغَنّى لهُ بِصَريرِكَ مُسْتَسْلِماً
لِيَدَيْهِ
ودورةِ مفتاحِهِ المُتَعَلِّقِ
في صدرِهِ
بِعَوْدَتِهِ يا مُعَنّى تُبَشِّرُنا
وكمْ كنتُ خَلْفَكَ
أسمَعُهُ
وهوَ يتلو بصوتٍ خفيضٍ
يراجعُ في سورةٍ بَيّنَة
أيا بابَنا
كنتَ لي دفتراً
قلمي هامَ فيهِ بصفحتِكَ
الناعمة
وأذكرُ كيفَ اختبرتَ ذكائي
بأسئلةٍ الامتحان
كنتَ تعرضُ لي
من ثنايا تصاويرِ
ذاكرتي
الكلمات
فأكتُبُها فرِحاً بالإجابة
أيا بابَنا
لا تَظنُّ بأنّا هجرناكَ طوعاً
فأشواقُنا نحوَ طلعتِكَ الباهية
تَتَجَدّدُ في كلِّ آن
أراكَ بكلِّ دقائقِ صفحتِهِ الزاهية
أتذكّرُ اكليلَ تاجٍ برأسِكَ
زَيَّنَهُ الوردُ في ضلفتيهِ
أتَذَكّرُ أمّي وقد هَدْهَدَتكَ
( بهلهولة ) يومَ سُرِّحْتُ في الجيشِ
وهيَ تطشُّ بكلِّ زواياكَ ( چگليتها )
وَيُلَمْلِمُهُ من أمامِكَ أطفالُ حارتنا
أيا بابنا
كنتَ أشْعَرْتَني بِنَحيبِكَ
يومَ رحيلِ أبي عنكَ
وَفِيّا كما عَهْدُنا فيكَ
تُغَلِّقُ أركانَكَ الراسخاتِ بوجهِ
اللصوصِ وفي أوجهِ الحاقدين
وَفِيّاً تَظَلُّ ثناياكَ من دَنَسٍ
طاهرات
وبالرغمِ من ضيقِ ذاتِ اليدِ
إذا دقَّ في جانحيكَ فقير
وهبتَ لهُ ما لديكَ
وأرضيتَهُ بالقليل
لم يقابلْكَ بابٌ
ولمْ تَتَلَفَّتْ إلى كلِّ أبوابِ حارتِنا
لترى ما تُخَبِّئُ خلفَ ستائِرِها
وهيَ مثلُكَ ما عَكَّرَتْ مرةً
لكَ ركناً ولم تَتَطَلَّعْ
إلى ما وراءَكَ
نعم بادلَتْكَ أياديُّها الاحترام
وبادَلْتها
وإذا ما تَحَدَّثَ بابٌ إلى ساكنيهِ
وأفرَحَهم في حديثِه
فرحتَ لهُ ولهمُ
ثم باركتَهُ
هيا بابنا
كنتُ أسمعُ أحلى أغانيكَ
تطرِبُني
حينَ ينهمرُ الغيثُ فوقَ إهابِك
وَتُتقِنُ فيهِ القرارُ ومنهُ الجواب
تَصاعَدُ أنغامُكَ الحالماتُ
وتهبطُ في فترةٍ من نشيج
وإمّا تلوذُ إلى فجواتِكَ في الرأسِ
عصفورةٌ من نثيثِ الحَيا
حَنَنْتَ إليها وبادلْتَها النغماتِ
لتنفضَ عنها البَلَلْ
 
هيا بابنا
 
كنتُ أسمعُ أحلى أغانيكَ
تطرِبُني
حينَ ينهمرُ الغيثُ فوقَ إهابِك
وَتُتقِنُ منهُ القرارُ ومنكَ الجواب
تَصاعَدُ أنغامُكَ الحالماتُ
وتهبطُ في فترةٍ من نشيج
وإمّا تلوذُ إلى فجواتِكَ في الرأسِ
عصفورةٌ من نثيثِ الحَيا
تَحنُّ إليها تُقاسِمُها النغماتِ
لتنفضَ عنها البَلَلْ
 
هيا بابنا
 
وبالرغمِ من ضيقِ ذاتِ اليدِ
إذا دقَّ في جانحيكَ فقير
يداً
وهبتَ لهُ ما لديكَ
وأرضيتَهُ بالقليل
 
لم يقابلْكَ بابٌ
ولمْ تَتَلَفَّتْ إلى كلِّ أبوابِ حارتِنا
لترى ما تُخَبِّئُ خلفَ ستائِرِها
وهيَ مثلُكَ ما عَكَّرَتْ مرةً
لكَ ركناً ولم تَتَطَلَّعْ
إلى ما وراءَكَ
 
نعم بادلَتْكَ أياديُّها الاحترام
وبادَلْتها
وإذا ما تَحَدَّثَ بابٌ إلى ساكنيهِ
وأفرَحَهم في حديثِه
فرحتَ لهُ ولهمُ
ثم باركتَهُ
 
د. محفوظ فرج
٤/ ٧ / ٢٠٢٠م
١٣ / ذو القعدة / ١٤٤١ه
© 2024 - موقع الشعر