رُعَاةُ الضَّبَابِ أَوْ مَا حَكى الْمَشَّاءُ جَهْرً - عبد الله جعفر محمد

(إلي المشّاء الشاعر أسامة الخواض)
 
رَعَيْنَا الضَّبَابَ قَرَوْنَا ،
وَكَنَّا نُحِيط المراعي بِهَمْهَمَةِ الْغَجَّر ِالصَّاعِدِينَ الى فَجْرِ أحْزَانِهِمْ (أسامة الخوّاض(
 
أَنَا مِنْهُمْ
وَحَرفِي مِثْلُ آخِر مَا تَبَقَّى مِنْ نَزِيفِ الشِّعْرِ فِيهُمْ،
لَيْسَ يُرْهِقُنِي اِنْطِوَاءُ الْعُمَرِ،
لَكِنِيّ اِقتَرَفَت كَمِثْلهمْ ذَنْبَ الْوُلُوجِ الى ضِفَافِ اللَّا وُصُولِ،
إلى حُدودِ اللَّا بِلَادِ،
إلى الْوِسَادَاتِ الشَّوَارِعِ،
لِلنِّسَاءِ الْعَارِضَاتِ الْقَلْبَ لِلشُّعرَاءِ فِي سُوقِ الْكَلَاَمِ،
وَلِلضَّبَابِ يفْتّحُ الأبوابَ،
كَيْ يَمْضِي إِلَيْهِ رُعَاتهُ الآتون مِنْ قَاعِ الْمَدَائِنِ في المنافي،
وَاِنْهِزَامِ الْحُلْمِ فِي وَجَعِ احتساء الذِّكْرَيَاتْ
مِنْهُمْ أَنَا،
وَجْهِي عَلَى سَطْحِ الْمَرَايَا شَاحِبٌ،
كَصَدَى يَجِيءُ مِنَ الْبَعيدِ فَنَلْتَقِي،
وَكَأَنَّهُ مَا كَانَ بَعْضِي،
ثُمَّ نُذْهِبُ فِي الْمُوَاكِبِ خَلْفَ أَرْتَالِ الضَّبَابِ
مِنْهُمْ أَنَا،
قَلْبِي كَمَا الْأَشْجَارِ،
ظِلِّي لَيْسَ لِي،
وَقَصِيدَتَي وَطَني،
وَعَاشِقَتَي تُسَمَّى فِي كِتَابِ الْحُبِّ رَاعِيَةَ الضَّبَابِ،
ولَيْسَ لِي كالآخرين بِطَاقَة باسْمِي،
وَلَكِنِيّ تَعَوَّدت التزام الصَّمْتِ،
كَيْ أَجْتَازَ صَالَاتِ الْمَطَارَاتِ الْمُدَجَّجَةِ الْعَسَاكِرِ،
وَالْحَوَاسِيب الْمُلَوَّنَةَ الْوُجُوهْ
مشّاؤون خَطْوَتهُمْ كَنَبْضِ قَلُوبِهِمْ وَجَلَى،
وآهتهم قَصِيدٌ مِنْ رَخِيصِ الشِّعْرِ،
لَا يَبْكُونَ مِلْءَ عُيُونِهِمْ،
مُدنٌ مِنَ الصَّمْتِ الْمُقَاوِمِ لِلْهُطُولِ،
قَلُوبُهُمْ تَعَبى،
وَمَوْعِدُهُمْ ضَيَاعَ غَدٍ،
وَبَعْدَ غَدٍ مِنَ الأيّامِ،
مشّاؤون خَلْفَ قَلُوبِهِمْ،
وَقَلُوبِهِمْ فوضى مِنَ الْأحْلَاَمِ وَالْآلَاَمِ وَالْأَوْهَامِ،
رَجعٌ مَنْ صَدَى خَطْوَاتِهِمْ لَيْلًا إلى الماضي،
وَعَوَّدَتْهُمْ وَفِي يَدِهِمْ غِنَاءْ
مشّاؤون تَحْتَ الْبَرْدِ،
معَطفهِمْ نَواح الرَّوْحِ،
سَاعِدهُمْ وَسَادَتُهُمْ وآهتهم غِطَاءْ
صَيَّادُونَ للأحزانِ،
سِيمَاَهُمْ نَزِيفُ جَراحِهِمْ سِرّاً،
وَضَحْكَتَهُمْ هُرُوبٌ مِنْ لُهَاثِ حَنِينِ نَجْوَاهمْ،
وَنَظَرَتِهِمْ نِدَاءْ
رَحَّالُونَ فِي مسرَاهمِ الْيَوْمِيّ مِنْ دَمِهِمِ الِى التَّذْكَارِ،
بَهِجَتَهُمْ صَهِيلٌ مِنْ غِنَاءِ الْعُزْلَةِ الْكُبْرَى،
وَدَمعتهِمْ دُعَاءْ
الرَّائِعُونَ بِرَغْمِ عُزْلَتِهِمْ كَأَشْجَارِ الصَّحَارَى،
يُسْقِطُونَ الْوَقْتَ وَالْأَوْرَاقَ مِنْ أَجَلِ الْبَقَاءِ،
وَيَرْتَدُونَ الْخَوْفَ دَوْماً،
فِي انتظار الْقَادِمَ الْمَجْهُولَ فِي الْمَنْفَى،
وَأَمْطَارِ الشِّتَاءِ
© 2024 - موقع الشعر