الغرق - عبد الله جعفر محمد

الغرق
 
عُمْرِي وَهَذَا الْبَحْرُ مَمْدُودٌ مِنَ الْمِيلَاَدِ،
لَا شَطَّا وَصَلْتُ وَلَا اسْتَرَحت،
مِنْ إرتطام الْمَاءَ بِالْجَسَدِ المُدد،
فَوْقَ سَارِّيَّتَيْنِ مِنْ ريحٍ وَمَاءْ
تتَمَاثَلُ الْأَرْكَانُ،
لَا أَحْتَاجُ بَوْصَلَةً،
وَهَذَا الْبَحْرُ عَدْلٌ لَا يُفَرِّقُ،
بَيْنَ زَاوِيَةِ اِنْحِدَارِ الْغَارِقِينَ،
أَوْ إعتدال الْوَاقِفِينَ،
عَلَى خطوطِ الإستواءْ
مَلَّتْ مَنَارَاتي دُوَارَ الْبَحْرِ،
وَاِنْكَسَرَتْ مَجَادِيفي
وإذ بالقلبِ،
أَشَرَعَةً مُمَزقَة وَأحْلَاَم هَبَاءْ
فصرخت يَا بَحَرَ اِحْتَوِينِي،
ثُمَّ عَلِمَنِي التَّنَفُّسَ
في إلتقاء الموت بالماءِ
وَعَمَّدَنِي نبيّاً عِنْدَ بَابِكَ،
حِينَ يُدْرِكُنِي الْفَنَاءْ
فَأَنَا الْغَرِيقُ أُسَلِّمُ الْأَمْوَاجَ أَمَرِي،
ثُمَّ أَمْضِي مُتعباً،
للسَّطْحِ أَوْ لِلْقَاعِ،
إِنْ حَانَتْ مَوَاعِيدُ التَّضَرُّعِ بِالدُّعَاءْ
لَا بَطْنُ حُوتٍ يَحْتَوِي جَسَدِي،
وَلَا فِي الشَّطِّ يَقْطِينٌ،
يُدَارِي مَا تبقًى مِنْ لُهَاثِيِّ،
حِينَ تَجْرُفُنِي الْمِيَاهُ إِلَى ضِفاف الإرتماءْ
وَأَنَا الطَّرِيدَةُ،
كُلَّمَا آنستُ نَارَا لَمْ أَجَد قَبَسًا،
يُضِيءُ مَسَافَةَ التَّرْحَالِ،
مَا بَيْنَ التَّرَجَّلِ مِنْ بُخَارِ الْمَاءِ،
لحظات اِنْحِدَارِي للْبُكَاءْ
وَدُفِعْتُ نَحْوَ الْقَاعِ،
فِي رِئَتِي عَصِيرُ الْمَوْتِ،
أصْرخ لَا أَجِد صَوْتي،
فَتَسْلِمُنِي الْمِيَاهُ إِلَى الْمِيَاهْ
فَخَرَّجْتُ مَنْ جَسِّدِي،
إِلَى دَيْمومَةِ اللاوقت،
منسأتِي البقِيّة مِن شُعَاعَ النُّورِ فِي رُوحِي،
وَأجْنِحَتِي ضِيَاءْ
ومَضَيْتُ نَحْوَ اللَّا مَكَان،
وَلَمْ يَسْلَنِي كَائِنٌ،
منْ أَنْتَ؟
أَوْ مِنْ أَيْنَ جِئْتَ،
إِلَى مدارِ الإحتِواءْ
قِيلَ اِسْتَرِحْ،
لَا شَىْء يَسْتَدْعِي اِنْتِبَاه الرَّوْحِ،
فَأصبر رَيْثَمَا تَعْتَادُ بَرْزَخَةَ انتمائك،
حِينَ يَنْطَلِقُ النِّدَاءْ
فَرَأَيْتُنِي وَحدي أَمَامَ اللهِ،
فَرَداً فِي اِعْتِدَالِ الرَّوْحِ ،
مِنْ بَعْد الْبَرَازِخِ،
فِي صَلَاَةِ الإِبْتِدَاءْ
© 2024 - موقع الشعر