أُحِبُّ - حسن الجزائري

أُحِبُّ الغُربَةَ الظَّلْما وإِنْ صَعُبَتْ
أُحِبُّ اللَّيلَ إِذ حَلّا
لِأنَّ اللَّيلَ يُعلِمُنا بِقَبرٍ فِيهِ مَأوانا
ودُنيا ضِيقُها يَبْدو
كَضيْقِ القَبْرِ إِنْ ضاقَتْ
أُحِبُّ النَّفْسَ إِذ عَلِمَتْ
بِأنَّ اللهَ خالِقُها
وأَنَّ الخَلْقَ غَيَّرَها
فَإنْ لُمْتُم، فَلوموا مَنْ يُربِّيها
أُحِبُّ الصَّمْتَ مِنْ صِغَري
كَرِهْتُ القَولَ مُذْ قالوا
كَثيرُ القَولِ كَذّابُ
وَصَمْتٌ يُبْعِدُ النّارا
لِألسِنَةٍ إِنْ اَغْتابَتْ
أُحِبُّ العِلمَ والأَخْلاقَ إِنْ جُمِعا
فَليسَ العِلمُ صَدّاعا ولَيس الخُلْقُ خَدّاعا
فَعِلْمُ النّاسِ كالنَّبْتِ
ثِمارٌ مِنْهُ أَخلاقُ
وَلكِنْ حالُ جُهّالٍ
كَحالِ الطَّيرِ في الصَّحرا
كَحالِ الصُمِّ والأَعْمى
وَحالُ القَلْبِ مَوجُوعٌ
كَحالِ الأُمِّ إِنْ عَلِمَتْ
رَضِيعاً ماتَ مُحْتَرِقا
لِخَلقٍ عِلْمُهُمْ بادٍ
وَخُلْقٌ لَيْسَ يَحْويهِمْ
فَعُذْراً مِنْ كَلامي ذا
فَهذا وَاقِعُ الأَحْزانْ
فإنَّ اللهَ خالِقُنا وَخالِقُهُمْ
فَكُلُّ النَّاسِ مِنْ حَطَبٍ
وَشَرُّ النَّاسِ قَدْ حُرِقوا
فَلَيْتَ النَّاسَ مِنْ صَخْرٍ وَلَيْتَ الصَّخْرَ إِنْسانُ
© 2024 - موقع الشعر