سألت الجمع - سعيدبن يحيى الزهراني

سألتُ الجمع في وقت ٍ علام
َأرى الأقدار تصرعكم جميع

أهذا يوم حشر ٍ في قيام
َأجيء بكل مقتولٍ صريع

رأيت الناس في كبدٍ سقام
َويوم البأس يأتيهم سريع

سيوف الدهر أهلكت العظام
َترى بسيوفه الحد البريع

وصار الحزنُ يبدو كل عام
َيُفأجئهم بواقعه الفجيع

كأن السعد في وقت ارتسام
َتأذن راحلٍ دون الرجيع

بليل ٍ حالكٍ جُنح الظلام
َيشق البيد يوشك أن يضيع

بكاه الكل بعد الابتسام
َوكان رحيلهُ أمرٍ فضيع

فلم يبقى لهم غير الإيلام
َتعذبهم ولم يظهر شفيع

فكم ندبوا على وقتٍ قدام
َقضوه برغد عيش ٍ من طليع

بحبٍ ضمهم عاشوا رحام
َبرزق ٍ كان من خير ٍ وسيع

وما علموا بأن الدهر ياما
يبيد الفرح بالحزن الصديع

فجاء الحزن سيرهم يتاما
وفرق شملهم حتى الرضيع

لقد كانوا بغفلتهم نياما
وحال الحال في حال ٍِ مريع

أذاك الجمع من بعد إلتماما
تفرق قبل أن يأتي الربيع

فيا اسفا وفي قلبي سهاما
على ضُر ٍ يجيء بلا نفيع

فمن يأمن من الدنيا تعاما
وظل سبيله دون الرجيع

أما علموا عن القوم القُداما
تُرى أيت القلاع لهم وضيع

تراها بالفلا أضحت حطاما
وقد فنيَ العزيز مع الوضيع

وجال الموت في ضرب الحساما
يلموا حصادهم طلع ٍ قليع

وكم قد باح غلمن أو غلاما
وكان اليأس يصفعهُ صفيع

يريد الموت أفصح في كلاما
تمنى الموت من قلبٍ وجيع

فلم يحظى بعيشٍ في سلاما
وكم قاسى من الحزن التبيع

أقام صلاته للفرض صاما
خلوقاً عاش للباري مطيع

وفيه الصبر والتقوى لزاما
بشوش الوجه ذو جسمٍ رفيع

فهذا ما رأت عيني ختاما
بلمحٍ كان في وقتٍ سريع

فهب الجمعُ من بعدي قيام
ايلحوا في دعا ربٍ سميع

© 2024 - موقع الشعر