سجينٌ في الرماد - عمرو العماد

سَجينٌ فى الرَّمادِ بِلا قُيودْ
يَذُوب إذا الهَوى مسَّ الجُلُودْ

يَصُبُّ علي الصَّباحِ ضَنى اللَّيالي
ويُعْلِنُ في الرَّبيع جَفَاف بيدْ

صُخورُ اللَّيلِ فى كبدِى سَوادٌ
تَدَحْرَجَ في شَرَايينٍ حَدِيدْ

ويَمدُّ إلى السَّماء عُيون دَمْعٍ
ويُحْرَقُ كُلَّمَا وَافَاهُ عِيدْ

سَألتُكَ يا أسِيرًا في الموَانى
تُحَلَّقُ هَائِمًا وتَفى شَرِيدْ؟

أجَبتُ بِمقْلَةٍ سَكَنَتْ غُروبًا
أُرِيدُ نَقَاءَ مَمْلَكَتى أُرِيدْ

إلى كَم ذا الطَّريقُ يَسِيرُ فِينا؟
ويَعْبَثُ بالْسَّحَابِ وبالْوُفوُدْ؟

يُضيءُ البَرْقُ تحْسَبَهُ غياثًا
فيُمْطِرُ صَخْرَةً تَئِدُ الْوَلِيدْ

لَهُ في القَلبِ شَيطانٌ كَغولٍ
تَسَلَّقَ سُلَّمَ الشَّوقِ الْعَنِيدْ

لَهُ في الرَّوحِ غَيَماتٌ كَحوتٍ
يُمزقُ دمْعةَ النَّفْسِ الْشَّهيدْ

أمَرْتُ السَّمْعَ بالإحْرامِ شَرْقًا
فشَرَّقَ رَاقِيًا رَهَقَ الْسُّدُودْ

أمَرْتُ بَصِيرَتى بالنَّزحِ غَرْبًا
فغَرَّبَ ضيقَ الأُفقَ الْمَدِيدْ

أمَرْتُ سَتَائرى سَدَّت رباهَا
فجَاء مِنَ السَّماءِ لَهُ وعِيدْ

أمَرْتُ مَدِينَتى تَطْوى سَماهَا
فجَاءَ مِنَ الغُيوبِ لَهُ رعُودْ

سَألْتُكَ عَزِيزى ضَاقَت حَياتى
رَجَوْتُكَ عَزِيزى فمَتي تَعُودْ

وقَالَتْ إن أرَدْتَ بِأن تَرَانى
فنَمْ بِظَلامِ صَخْرَتَنا وَحِيدْ

وأظْلم مَوْكِبِى فبَدا خَيالٌ
وَزَقْزَقَ طَائفًا أمَلٌ سَعِيدْ

فرحتُ وكمُ فرحت بِلا أمَانٍ
وَكُل سَعادةٌ تَحوى خُلُودْ

سََألْتُكِ كَيْفَ فتَّ الصَّخرَ نورٌ
تَدَلَّي مِن رُبى وَجْهٍ وُروُدْ؟

فقُلْتِ أظَافِرى بَدْرٌ وكَفّى
يُحيّلُ اللَّيلَ نشوَانًا مُرِيدْ

وعَيْنى إن رأَيتَ أمِيرةٌ فى
رداءِ الشَّوْقِ فرعونٌ وَدُودْ

وذَاقَ فِراشَ رَاحَتِها حَنينى
وطارَ صوَابُ مُقْلَتِهَا الرَّشِيدْ

وضَمَّ النيْلُ قُرْبانًا عَروسًا
وفتَّحَ مَوْجُهُ نَبْعًا جَدِيدْ

فقُمْتُ أقبَّلُ الأحْلامَ لَيْلًا
وقُمْتُ يَدكُّني يَأسِى جُنُودْ

عَجُوزٌ أنتَ يا أمَلٌ مُحالٌ
بَعيدٌ أنتَ يا مَرْسى بَعيدْ

© 2024 - موقع الشعر