غُرْبَةٌ بَيْنَ شَوْقٍ وَشَوْكٍ

لـ أشرف السيد الصباغ، ، في العتب والفراق، 444، آخر تحديث

غُرْبَةٌ بَيْنَ شَوْقٍ وَشَوْكٍ - أشرف السيد الصباغ

هَذِي الْحَيَاةُ كَمْ بِهَا مِنَ الْفِتَنْ
كُلُّ امْرِئٍ لابُدَّ يَوْمًا يُمْتَحَنْ

يَا سَائِلاً إِحْسَاسَنَا عَنْ غُرْبَةٍ
بِحِكْمَةٍ يُنْبِيكَ عَنْهُ مَنْ لَحَنْ

مَا بَالُكُمْ لا تَذْكُرُونَ حَالَنَا
إِلاَّ وَصَاحَتْ كَفُّكُمْ أَيْنَ الثَّمَنْ؟

هَلْ تَشْعُرُنَ مَا نُحِسُّ مِنْ أَلَمْ
فِي غُرْبَةٍ - يَا وَيْحَكُمْ - مِنْ غَيْرِ مَنْ؟

وَإِنْ سَأَلْتُمْ مَرَّةً عَنْ حَالِنَا
جَاءَ السُّؤَالُ بَارِدًا فِيهِ الشَّطَنْ

فَحَالُنَا مِنْ غُرْبَةٍ فِي كُرْبَةٍ
وَإِنْ سَأَلْتُمْ مَرَّةً، قُلْنَا: حَسَنْ

أَنَّى يَطِيبُ عَيْشُنَا فِي غُرْبَةٍ
وَقَدْ أَحَاطَ هَمُّنَا بِنَا وَشَنْ؟

هَلْ تَشْعُرُونَ كَمْ نُقَاسِي كُرْبَةً
مِنْ وَحْشَةٍ يَضُمُّهَا ذَاكَ السَّكَنْ؟

هَلْ تَسْمَعُونَ جُرْحَنَا أَمْ سَمْعُكُمْ
فِي غَفْلَةٍ عَنِ الْهُمُومِ وَالشَّجَنْ؟

هَلْ تُبْصِرُونَ حَالَنَا فِي لَيْلِنَا
أمِ العُيُونُ غَطَّهَا غَمْضُ الوَسَنْ؟

أَلَمْ تَشُمُّوا رِيحَ غُرْبَةٍ لَخِنْ؟
أَمِ الأُنُوفُ رَاقَهَا رِيحُ الدَّرَنْ؟

لَئِنْ وَضَعْنَا فَرْحَنَا فَي كِفَّةٍ
وَتَرْحَنَا فِي كِفَّةٍ تَرْحٌ وَزَنْ

وَهَذِهِ إِجَازَةٌ تَمْضِي كَمَا
يَمْضِي السَّحَابُ فِي السَّمَا بِلا وَهَنْ

يَا سَائِلا إِحْسَاسَنَا عَنْ غُرْبَةٍ
قُلُوبُنَا مَكْلُومَةٌ مِمَّنْ طَعَنْ

وَاسْمَعْ نِدَاءً مِنْ صِغَارٍ قَدْ أتَى
أصَابَ قَلْبِي مِنْ هُمُومٍ مَا وَتَنْ

أيَا أبِي مَتَى الإيَابُ يَا أبِي؟
حَتَّى مَتَّى غِيَابُكُمْ فَالقَلْبُ حَنْ؟

فَسَالَ دَمْعِي مِنْ عُيُونِي وَانْهَمَرْ
هَوِّنْ عَلَيْنَا رَبَّنَا فالشَّوْقُ أَنْ

شَطَّ المَزَارُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ
وَحُبُّهُمْ فِي قَلْبِنَا رَغْمَ الشَّطَنْ

فَكَمْ لَهُمْ فِي قَلْبِنَا مِنْ مَنْزِلَهْ
وَكُلُّ شَيءٍ بَعْدَهُمْ رَهْنُ العَفَنْ

حَيَاتُنَا مِنْ دُونِهِمْ كَدَوْحَةٍ
حَزِينَةٍ بِلا ثِمَارٍ أَوْ فَنَنْ

فَاجْمَعْ إِلَهِي شَمْلَنَا وَرُدَّنَا
رَدًّا جَمِيلا بَعْدَ مَا طَالَ الزَّمَنْ

مَنْ قَبْلَنَا أَهْدَوْا لَنَا مِنْ نُصْحِهِمْ
لَمْ يَكْتَرِثْ قَلْبٌ لَهُمْ وَمَا طَبَنْ

أَلَمْ تَرَوْا مَا قَدْ جَرَى لِمَنْ سَلَفْ
فِي غُرْبَةٍ؟ فَلْتَحْذَرُوا هَذَا السَّنَنْ

سَاقَتْ لَنَا أَيَّامُنَا مِنْ عِبْرَةٍ
فَحَالُنَا بِحَالِهِمْ قَدِ اقْتَرَنْ

وَفِي الهُمُومِ كَمْ يُوَاسِي صَاحِبٌ
بِرِفْقِه زَجَّ الشُّجُونَ وَاحْتَضَنْ

وَكُلَّمَا مَاجَتْ بِنَا أَحْزَانُنَا
قَالَ الصَّدِيقُ اصْبِرْ أَخِي نِعْمَ الخَدَنْ

أَيَا خَلِيلِي لَسْتُ أَشْكُو حَالَنَا
إِلاَّ إِلَى رَبِّ العِبَادِ ذِي المِنَنْ

إِنَّ الإلَهَ حَسْبُنَا بِلا ضَجَرْ
شِعَارُ كُلِّ مُسْلِمٍ مِنْ غَيْرِ ضَنْ

وَكُلُّ عُسْرٍ بَعْدَهُ يَأتِي الفَرَجْ
فَاجْعَلْ رِضَاكَ بِالقَضَا هُوَ الجَنَنْ

وَهَذِهِ وَصِيَّتِي لِكُلِّ مَنْ
طَاشَتْ بهِ أحْزَانُهُ عَبْرَ المِحَنْ

صَبْرًا أَخِي هَذَا سَبِيلُ المُؤْمِنِ
تَعْسًا لِعَبْدٍ فِي تَسَخُّطٍ رَكَنْ

كَمْ مِنْحَةٍ تَمَخَّضَتْ مِنْ مِحْنَةٍ
طُوبَى لِمنْ رَدَّ الهُمُومَ بِالسُّنَنْ

يَا رَبَّنَا هَيِّئْ لنَا مِنْ غُرْبَةٍ
عَوْدًا حَمِيدًا بَيْنَ أحْبَابِ الوَطَنْ

شعر / أشرف السيد الصباغ
© 2024 - موقع الشعر