عَرُوسُ شَهْرِ الصَّوْمِ لَيْلَةُ قَدْرِهِ - أشرف السيد الصباغ

سَافِرْ بِقَلْبِكَ وَاغْتَرِفْ مِنْ نُورِهِ
فَالْأَرْضُ تَسْعَدُ وَالسَّمَاءُ بِبَدْرِهِ

شَهْرُ الصِّيَامِ يَفُوحُ مِنْهُ عَبِيرُهُ
وَتَنَافَسَتْ آمَالُهُ فِي صَدْرِهِ

أَنْفَاسُهُ تَرْوِي السَّحَابَ مِنَ الظَّمْا
وَالرُّوحُ تَحْكِي مَا يَجُولُ بِفِكْرِهِ

فَتَبَسَّمَتْ فِي الْأُفْقِ آلَامُ الدُّنَا
وَالْجُرْحُ يَنْزِفُ مَا يَزَالُ بِنَحْرِهِ

وَالْمَسْجِدُ الْأَقْصَى تَهَجَّدَ لَيْلَهُ
يَشْكُو تَخَاذُلَ أَهْلِهِ عَنْ نَصْرِهِ

لِلَّهِ دَرُّكَ مَسْجِدًا فِي حِضْنِهِ
تَرْعَى يَتَامَى الزَّهْرِ قُبَّةُ صَخْرِهِ

وَارْتَاعَ مِنْ رَعْدِ الدَّمَارِ سُكُونُهُ
وَاللَّيْلُ يَرْجُفُ مِنْ تَأَخُّرِ فَجْرِهِ

فِي لَيْلَةٍ نَسَجَ الشُّرُوقُ غُرُوبَهَا
عَجِّل بِنَصْرٍكَ رَبَّنَا وَبِبِشْرِهِ

وَأَتَى الْمُفَرِّطُ يَسْتَحِثُّ خُطَا النَّدَى
وَبِتَمْرِهِ يُطْفِي تَلَهُّبَ جَمْرِهِ

يَخْتَالُ فِي ثَوْبٍ تَزَيَّنَ بِالْأَسَى
فَهُوَ الَّذِي ذَبَحَ النَّجَاةَ بِغَدْرِهِ

يَجْثُو عَلَى رُكَبِ النَّدَامَةِ سَغْيُهُ
لِفَوَاتِهِ نَفْحَ النَّسِيمِ بِهَجْرِهِ

هِيَ لَيْلَةٌ تُحْيِي الْقُلُوبَ بِنَبْضِهَا
وَيَجُودُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِيُسْرِهِ

يَا لَيْتَهَا دَامَتْ وَدَامَ ضِيَاؤُهَا
قَبَسًا، أَضَاءَ الْكَوْنَ دُرَّةُ دَهْرِهِ

رِفْقًا أَيَا شَهْرَ الصِّيَامِ بِمُغْرَمٍ
يَرْجُو الْكَرَامَةَ وَالْوِصَالَ بِمَهْرِهِ

وَتَسَابَقَ الْقُصَّادُ نَحْوَ خِبَائِهَا
فَعَرُوسُ شَهْرِ الصَّوْمِ لَيْلَةُ قَدْرِهِ

وَتَسِيرُ أَيَّامِي بِغَيْرِ هَوَادَةٍ
إِنْ غَابَ بَدْرٌ فَالنُّجُومُ بِإِثْرِهِ

أَزِفَ الرَّحِيلُ مُرَفْرِفًا بِجَنَاحِهِ
فَالْكَوْنُ يَبْكِي وَالسُّرُورُ بِأَسْرِهِ

شَتَّانَ بَيْنَ غُدُوِّهِ وَرَوَاحِهِ
شَتَّانَ بَيْنَ الشَّرِّ فِيهِ وَخَيْرِهِ

وَبَدَائِعُ الْمَعْنَى يُوَارِيها الْحَيَا
مَهْمَا مَدَحْتُكَ بِالْقَصِيدِ وَنَثْرِهِ

فَارْحَمْ إِلَهِي فِي الْخِتَامِ مُقَصِّرًا
يَرْجُو الصَّلَاحَ لِمَا بَقِي مِنْ عُمْرِهِ

وَإِذَا أَتَاكَ الشَّهْرُ يَشْهَدُ إِنَّنِي
فَرَّطْتُ فِي نَيْلِ الْقَبُولِ وَأَجْرِهِ

فَانْشُرْ سَحَائِبَ رَحْمَةٍ بِهِدَايَةٍ
طُوبَى لِعَبْدٍ يَحْتَوِيهِ بِسِتْرِهِ

شعر/ أشرف السيد الصباغ
© 2024 - موقع الشعر