شهر جهاد لا شهر خمول - أحمد علي سليمان

شهر نصر في ساحة الهيجاءِ
ليكونَ الإسلام في العَلياءِ

واسألوا التاريخ المجيدَ يُجبْكم
عن فخار وسُمعةٍ شهباء

رمضانُ شمسٌ علينا أطلتْ
فأبادتْ مُحلولكَ الظلماء

رمضانُ بحرٌ يجود ويُقري
هل جَوادٌ - في الأرض - كالدأماء؟

رمضان يُعطي ويمنح جماً
رب بارك في خيره المِعطاء

رمضان الخيراتُ تغشى قرانا
فتفيض الأرزاقُ في الأرجاء

رمضان الأنوار في كل صُقع
والدياجي تُباد بالأضواء

رمضان مِن المهيمن نصرٌ
لا يُبارى في ساحة الهيجاء

رمضان فوْزٌ بخير ثواب
وانتصارٌ سام على الأعداء

رمضان رَحَىً تدق الخطايا
لم تفقها رحىً من الأرحاء

رمضان ضيفٌ يحل ، ويمضي
تاركاً من أطيافه الفيحاء

رمضان حربٌ على كل شر
وسلامٌ يدعو إلى السراء

رمضان سُوقٌ لجلب العطايا
ودواءٌ يُشفى - به - كل داء

رمضان يُهدِي التقاة التحايا
وعليها مِن زاخر الأنداء

منذ فجر التاريخ ، والنصر فيه
وعلى ذا تواترُ الأنباء

فيه تم نزولُ قرآن ربي
منقذ الدنيا مِن دجى الأهواء

بيناتٍ من الهدى للبرايا
ونجاة من فتنةٍ شعواء

ثم فرقاناً يُهتدى بهداه
ومبيدَ الضلالة الجهلاء

ولهذا بين الشهور تهادى
رمضانُ في حُلة الخيَلاء

وعلا شأنا ، بل وهدياً وسمتاً
وتسامى إلى مدى الجوزاء

ليس شهراً للنوم ، أو للتراخي
إن هذي طبيعة السفهاء

يَحسَبون الشهر الكريم عليهم
ملء بطن بالأكل ، بعد ارتواء

يحسبون الشهر الفوازير تترى
والبغايا يَسُقن حلو الغناء

والأغاني تغتال أغلى صيام
وهْيَ – بعدُ - البريدُ للفحشاء

والفضائيات الرقيعة تسبي
كل قلب يأوى إلى الأصداء

والأباطيل - في البرامج - تودي
بالنفوس المريضة العوجاء

وأحاجي أهل الفسوق وقودٌ
لعذاباتٍ - في الدنا - كأداء

ورزايا أهل الفجور شقاءٌ
يَختل المشتاقين بالإغراء

وسُعار الأفلام في كل بيت
والضحايا هم خِيرة الأبناء

وجحيمُ المباريات شِراكٌ
نُصبتْ للأولاد والآباء

وتسلى بالمسرحيات قومٌ
لا أراهم - في الناس - بالأسواء

لعبوا بالنيران ، حتى استحالوا
شر قوم بالجهر بالأخطاء

جاهروا المولى بالحرام ، فكانت
فتنة في الأمصار والبيداء

وقعُها - في قومي - أشد وأنكى
أوقعتْهم في ربقة البأساء

رمضان مِن هؤلاء برئ
حيثُ خصّ الأقوام بالأدواء

لكن الصرعى عربدوا دون وعي
وأداروا طاحونة الإرجاء

قد رأوْا في التسويف أزكى علاج
واستخفوا بصرخة الأكفاء

وتمنّوا كم من أمان عِذاب
واستزادوا مِن طينة البغضاء

رمضانُ أسمى وأعلى مقاماً
من نفوس تطاله بازدراء

رمضانُ جهادُ نفس ومال
ليُوافى العبادُ بالنعماء

سائلوا (بدراً) والملائكُ فيها
ينصرون كتائب الأتقياء

واسألوا عن فتح الفتوح السرايا
حيث سُر المكان بالأمَناء

ولأم القرى بهذا احتفالٌ
وكذا للحطيم والبطحاء

واسألوا أصنام الدنا ما دهاها؟
حطمتها معاولُ الحنفاء

واسألوا عن ذكرى تبوكٍ وكونوا
في القياس من خيرة الشهداء

واذكروا دوماً (قادسية) سعدٍ
واسألوا عن طيوفها الزهراء

واسألوا عن رودريك وابن زياد
واسألوا عن أجنادنا العظماء

واسألوا عن حطين تاريخ قومي
فحَكايا التاريخ كالخطباء

نزلتْ بالكفار فيها البلايا
وصلاحُ من أشجع الأمراء

واسألوا عن لويسَ سجناً حصيناً
والأعادي فروا على استحياء

واسألوا التاريخ الذي لا يُحابي
بل يرد شفاعة الشفعاء

سائلوه عن (عين جَالوت) ردتْ
تتر الدنيا ، إذ أتوا كالوباء

واسألوهُ عن الكِفار أحيطوا
بالمنايا على لظى الرمضاء

وأسودُ أرض الكنانة صبَّوا
من جحيم النيران فوق العَراء

جاء للمصريين نصرٌ عزيزٌ
من مليك يقتص للضعفاء

كل هذي الحروب في رمضان
أعلمنا بما له من بهاء؟

شهر نصر يُنال من بعد جهدٍ
فلنفر من خوفنا للمَضاء

ولنحوّلْ خمولنا لجهادٍ
كي يسود نصرٌ على الأعداء

والمليكُ مع الذين اتقوْهُ
ومُعينٌ للسادة الأولياء

© 2024 - موقع الشعر