شَامَةٌ فِي جَبِينِِ التَّارِِيخِ ( صلاح الدين ) - أشرف السيد الصباغ

جُحُورُ الْحِقْدِ يَسْكُنُهَا اللِّئَامُ
وَضَوْءُ الشَّمْسِ يَعْلُوهُ الْكِرَامُ

وَيَخْرُجُ كُلُّ ضَبٍّ فِي زَمَانٍ
لَهُ فِي بُوقِ إِعْلامٍ زِمَامُ

وَيَرْمُقُ مَجْدَنَا دَخَنٌ دَفِينٌ
يُطَوِّقُ جَمْعَنَا فِي الذُّلِّ هَامُوا

فَهَاجَ الضَّبُّ يَقْدَحُ فِي "صَلاحٍ"
وَيَخْرُجُ مِنْهُ سَهْمٌ؛ بَلْ سِهَامُ

وَيَنْفُثُ سُمَّهُ فِي كُلِّ حِينٍ
وَكَمْ لِلْقَلْبِ آذَانٌ سِقَامُ

وَيَزْعُمُ أَنَّهُ رَجُلٌ حَقِيرٌ
خَسِئْتَ، وَبِئْسَ قَوْلُكَ يَا نَعَامُ

"صَلاحُ الدِّينِ" فِي التَّارِيخِ شَامَهْ
وَإِنْ عَادَاهُ أَقْزَامٌ لِئَامُ

وَسَلْ "حِطِّينَ" عَنْ أَسَدٍ هَصُورٍ
فَتَشْهَدُ أَنَّهُ الْبَطَلُ الْهُمَامُ

أَقَضَّ مَضَاجِعَ الْأَعْدَاءِ طَيْفُهْ
فَإِنْ نَامُوا يُفَزِّعُهُمْ مَنَامُ

وَرَدَّ "الْمَسْجَدَ الْأَقْصَى" بِعَزْمٍ
فَعَادَ لِحَوْزَةِ الدِّينِ التَّمَامُ

وَأَمَّنَ لِلْحَجِيجِ طَرِيقَ حَجٍّ
يَجُودُ بِنَفْسِهِ شَهِدَ الْأنَامُ

فَنَالَ مِنِ اسْمِهِ حَظًّا وَفِيرًا
سَمَتْ أَخْلَاقُهُ، نِعْمَ الْوِسَامُ

وَأَقْبَلَ بَعْدَهَا كَلْبٌ عَقُورٌ
لِيَنْبِشَ قَبْرَهُ، قُمْ يَا إِمَامُ

وَقَدْرُ الْمَرْءِ فِي الدُّنْيَا بِخَيْرٍ
وَبَعْضُ الْجُرْحُ يَجْبُرُهُ الْتِئَامُ

وَعَادَ "الْمَسْجِدُ الْأقْصَى" أَسِيرًا
وَيَرْمُقُ نَصْرَهُ مِسْكٌ خِتَامُ

فَيَنْطِقُ يَوْمَهَا حَجَرٌ أَمِينٌ
يُرَدِّدُ قَوْلَهُ شَجَرٌ يُرَامُ

يَهُودُ الْغَدْرِ قَدْ رَكَنُوا لِظِلِّي
وَصَوْتُ الْحَقِّ يَحْمِيهِ الْحُمَامُ

هَلُمُّوا فَاقْتُلُوا مَنْ كَانَ خَلْفِي
لِيَحْيَا النَّاسُ قَدْ حَانَ الْقِيَامُ

بِلَادُ الْعُرْبِ فِي وَهَنٍ وَوَهْمٍ
تُحِيطُ بِهِمْ كَلالِيبٌ عِظَامُ

يُشَتِّتُ شَمْلَنَا ضَبٌّ غَرُورٌ
وَيَذْبَحُ صَوْتَنَا صَمْتٌ زُؤَامُ

فَعِشْنَا غُرْبَةً فِي الدِّينِ حَتَّى
كَأَنَّ نَهَارَنَا دَوْمًا ظَلامُ

يَنَامُ النَّاسُ فِي جُنْحِ الظَّلامِ
وَمَنْ يَرْعى الْحُقُوقَ فَلا يَنَامُ

فَكُونُوا فِي الْحَيَاةِ حُمَاةَ حَقٍّ
بِهَذَا الْقَوْلِ قَدْ كُشِفَ اللِّثَامُ

شعر /أشرف السيد الصباغ

مناسبة القصيدة

بين الحين والحين يخرج علينا ضب من جحره؛ ليفتن الناس بسحره، وله في ذلك أسوة، يروي خبره، ويقفو أثره، إنه إبليس من دون تلبيس، إمام أئمة التدليس، فيقدح في الأعلام؛ ليخدعَ الأنام، فتفضحه الأيام . وكم في التاريخ شامة يشهد الزمان بفضله، إنه صلاح الدين الأيوبي . رحم الله روحَه، ونوَّر بالمغفرة ضريحَه . ( بحر الوافر )
© 2024 - موقع الشعر