رَحِيلُ الرُّوح

لـ أشرف السيد الصباغ، ، في الرثاء، 464، آخر تحديث

رَحِيلُ الرُّوح - أشرف السيد الصباغ

هَذِي الْحَيَاةُ سَتُفْنِينَا وتُفْنِيهَا
كَأْسُ المَنَايَا وَكُلُّ النَّاسِ يَدْرِيهَا

يَا رُوحَ أُمٍّ كَمَا الرَّيْحَانِ زَهْرَتُهَا
قَدْ أَنْفَقتْ عُمْرَها حُبًّا لِأَهْلِيهَا

غَابَتْ فَحَارَتْ قُلُوبُ الْأَهْلِ مِنْ وَجَلٍ
هَبَّتْ مَنِيَّتُها لَبَّتْ لِبَارِيهَا

تَهَيَّأَتْ بِوُضُوءٍ يَومَ أنْ رَحَلَتْ
أَنَارَ مِنْهَا الْمُحَيَّا مَنْ يُهَنِّيهَا؟

يَا دَوْحَةً بِغُصُونٍ سِتَّةٍ يَنَعَتْ
كَانُوا الْحَيَاةَ وَرُوحُ الرُّوحِ تُحْيِيهَا

أَهْدَيْتِ لِي دُرَّةً فِي الْقَلْبِ أَحْفَظُها
فَأَثْمَرَتْ دُرَرًا لِلْخَيْرِ نَهْدِيهَا

نَبْكِي الْحَنَانَ الَّذِي قَدْ فَارَقَ السّكَنَا
يَا وَيْحَ دَارٍ خَلَتْ، مَنْ ذَا يُرَاعِيهَا؟

طَوْدٌ أَشَمُّ إِذَا مَا الدَّاءُ هَاجَمَهَا
لَا تَنْحَنِي لِصُرُوفِ الدَّهْرِ تُثْنِيهَا

حَيَاتُها بِالرِّضَا تَمْضِي عَلَى أَمَلٍ
لَا تَشْتَكِي فَقَلِيلُ الزَّادِ يَكْفِيهَا

كِفَاحُهَا عِبَرٌ تَقْضِي عَلَى أَلَمٍ
كَأنَّها حِكَمٌ لِلْجِيلِ نَحْكِيهَا

لِزَوْجِهَا خَيْرُ عَوْنٍ فِي مُلِمَّتِهِ
بَعْدَ الرَّحِيلِ بِدَمْعِ الْقَلْبِ يَرْثِيهَا

تَبِيتُ بدْرًا بِنُورِ الْعَيْنِ تَحْرُسُهُ
عَنْ طِيبِ نَفْسٍ فَمَا خَابَتْ مَسَاعِيهَا

تَحْنُو عَلَيْهِ مِنَ الْآلَامِ تَحْمِيهِ
تَسْقِيهِ عَطْفًا فَجَاءَ الْمَوْتُ يَسْقِيهَا

وَأَفْصَحَ الرَّوْضُ عَنْ أخْلَاقِهَا كَرَمًا
تَعْلُو وَتَسْمُو، فَكَيْفُ الْقَلْبُ يُحْصِيهَا؟

أَسْتَوْدِعُ اللهَ أُمًّا بَاتَ مَسْجِدُهَا
بَعْدَ الْفِرَاقِ بِحُسْنِ الذِّكْرِ يَبْكِيهَا

يَا رَبِّ فَاغْفِرْ لَهَا مَا كَانَ مِنْ زَلَلٍ
وَاجْعَلْ لَها رَوْضَةً فِي القَبْرِ تُنْجِيهَا

وَاغْفِرْ إِلَهِي لِكُلِّ الْأهْلِ مَنْ سَبَقُوا
مَا دُمْتُ حَيًّا بِدَمْعِ الْقَلْبِ أَرْوِيهَا

رثاء / أشرف السيد الصباغ
© 2024 - موقع الشعر