حيِّ الطلول ونبِّ عن أخبارها - حسن الحضري

حيِّ الطلولَ ونبِّ عن أخبارِها
وَسَلِ الظعائنَ بعدُ في أخدارِها

يُنْبِينَ عن خَوْدٍ خَلُودٍ بَضَّةٍ
يسبي الفؤادَ البعضُ مِن أنوارِها

حَسَنُ بنُ مرعي الماجد الحضريُّ قد
أرداه رجْعُ الطَّرفِ خلف ستارِها

ما بين إطسا فالمؤسَّسَتينِ أو
إبوانَ فالزَّيتونِ دون ديارِها

فرياضُ صفطٍ فالبداري دونها
فَرُبَى النُّخَيْلَةِ دون دَرْكِ مزارِها

وغدًا تحلُّ بشاطئ العجميِّ أو
تغدو إلى سيناءَ، في أسفارِها

بانت ودسَّتْ حُلْوَ طيفٍ آيةً
يسري أمام العينِ في أسحارِها

فزجرتُ بالأجفانِ عَبرةَ والهٍ
فيها ورودُ الحَيْنِ مِن أنهارِها

سائلْ بها الأطلالَ تخْبركَ الذي
ولَّى، وتلكَ الطيرَ في أوكارِها

جادت عليها المُزنُ سحًّا بعدما
قد هدَّها الإعياءُ مِن إقفارِها

فَرَبَتْ بواسقُ نخلها مِن بعدِ ما
ضلَّتْ سبيلَ العيش في إعسارِها

والبرقُ يلمعُ فوقها وكأنما
قد خطَّ سطرَ الضوءِ دون نهارِها

سَبقتْ إليها الوحشُ قبل عُطاسها
ضربًا يدكُّ الأرضَ دون مسارِها

مِن كلِّ أحقبَ أو دُكَيْنٍ فارعٍ
يشتدُّ للفلَواتِ في أطمارِها

قد هاله ما كان يأملُ بعدما
فَقَدَ السَّبيلَ وضلَّ عن أبكارِها

يرقبنَ عن كَثَبٍ أظافرَ سهمِهِ
والويلُ كلُّ الويلِ مِن أظفارِها

فمضى فأطْلَقها كسابقِ عهدِهِ
فرمى مُناه البرقُ في أبصارِها

فسبقن أكلُبَه فلم يحفِلْ بها
ومضى يعضُّ بأصبعٍ مِن عارِها

كمباركِ المأفونِ ليلةَ خَلْعِهِ
ونظيفٍ المعتوهِ في إدبارِها

وشفيقٍ الدَّاعي إلى إتلافها
مِن بعدِ ما اشتعلتْ ضوارمُ نارِها

أو كابنِ بدرٍ ذلك العلجِ الذي
ضلَّ السَّبيلَ ولجَّ في إعصارِها

كمعمَّرٍ لمَّا تيقَّن حتْفَهُ
بتدافعِ الأحداثِ مِن ثُوَّارِها

أو مثلِ زينٍ في سفاهةِ عقلهِ
قد غرَّه الإغفاءُ مِن أحرارِها

كعليٍّ المغلوب يومَ نفارِها
كالحافظِ المشؤومِ أو بشَّارِها

قد أصبحوا عِبَرًا تَلُوحُ لذِي النُّهَى
وكذاكَ كان الحُكمُ مِن جبَّارِها

يقضي قضاء الحقِّ بين عبادهِ
ويَمِيزُ بين خيارها وشرارِها

فاصبر لحُكمِ الله ربِّك إنها
دولٌ تدورُ على الورى بشعارِها

وحكومةُ الأذناب ترفعُ رايةً
للذلِّ والتسليمِ خوفَ دمارِها

لو أنهم سلكوا الرشادَ لأفلحوا
لكنهم ضلُّوا ضلالَ حِمارِها

جاروا كما جار السَّفيهُ مباركٌ
والأمرُ مرهونٌ بحسنِ قرارِها

هضموا حقوقَ الناس ثُمَّ تقلَّبوا
في نعمةٍ تبلى بِبَخْسِ دثارِها

عما قريبٍ تنجلي عن مكرِهم
حِجَجٌ تفيضُ بخيرها وثمارِها

قد كنتُ أعلم أنَّ ذلك كائنٌ
وقرأتُ سطرًا لاح مِن أسرارِها

أنذرتُهم مِن قبلِ ذلك فارْتَأَوْا
سفَهًا، وجلَّ الخَطبُ مِن إنكارِها

اللهُ أكبر يا لها مِن ذلَّةٍ
فاضت عليهم في بزوغ نهارِها

© 2024 - موقع الشعر