تجربة صديق. - أبو الدرقاء سليمان بن يوسف

بعد السلام على محياه...
جلست يوما أسائل الصديق ..

عن عمره كيف قضاه ...
في حياة كانت هدفه الوثيق ..

تنهد و بعد صمت بدأ كلامه ..
يتلو كتاب حياته بعد التحقيق ..

و يطوي فصوله و يحكم التوثيق..
حَكِّم آذانك و افتح فيها مَداه..

و اسمع بماذا أجاب الصديق ...
ليست كل الحَياة حَياَةً ..

َ هُناكَ مَن يَعيِشُها فَقط زَفِير و شَهِيق ..
هَذه دنيانا يا صاح بَحرُ عَمِيق...

يُجيد السّباحة فِيها فَقط من يُجيد النّهيق..
و لَيسَ كُلّ من فِيهاَ بك يَلِيق...

فِي النّاس ياَصاَح أَكثَر من فَريق..
هُناكَ مَن تَجِده فقط فِي الاتِسَاع ..

وَ هُناَك مَن يَبزُغ فِي وَقت الضِّيق..
فِي النّاسِ هُنَاكَ مَن يُجِيد التَّحلِيق ..

وَ فِيهم مَن مَثله فِي الطَّيرِ مَثَلُ البِطرِيق ..
و لا تحسبنهم كلهم لسعدك أملوا...

في الناس يا صاح عدو و صديق ...
كم منهم سبب فرحتي حين رحلوا

و قليل منهم أنا في فراقهم غريق ....
ومنهم من من زماني غابوا و ارتحلوا

هجروا دنياي و الدعاء وصالنا الوثيق ...
و إِن نَشأَ بين النّاَس ضباب ..

و صَعُب علَيك اختِيار الرَّفِيق...
أُسنُد إلى أخٍ بلا ارتيَاب ..

و امضِ مَعَه في كل طَرِيق ..
ففي دربي كم خسرت أحباب..

ذهب الجميع و بقي الشقيق..
والحب ..؟ اه الحب ..

بعضُ الحُبِّ يحوِّلك إلى حُطٙام.....
و بعضٌ منه يَجعَلُك تَستَفِيق....

و جُلّ الحُبِّ مِن الأَوهَام ...
و جلٌّ منه تيه في طريق...

وكُلّ الحُبِّ تجِدُه فَقَط فِي الَأفلاَم ...
وَمِن الأَفلَام ماَ لاَ تَناَل التَّصْدَيق..

وَ مِن الحُب عَذاَب و آَلاَم...
إِن غَابت الثِّقَة وَ حَضر التَّحقِيق..

وَمِنه شُرُوق شَمسٍ و ظَلَام..
و تذبذب في النوم.. حرمان أو نوم عميق..

.والمَرأَة ملاَك إِن قَلبَكَ ملَّكْتها..
نَجمٌ فِي كلّ لقاء يَزدَادُ بَرِيق...

كَم جَمِيلة هِيَ بحَياَئها...
تُغْنِي عِفّتَها عَن كُلِّ المساحيق...

و من النِّساء احذر..
مِنهُنَّ عذراء طَهاَرة فِي شكلها..

و دَاخِلَها تَملِك قَلْباً زِندِيق...
كالأفعَى نُعُومة مَلمَسِها ...

و سِلاَحُها الكَذِب و التلفيق...
هذا مجمل ما نال من الأيام ..

و هكذا طويت تجربة صديق ..
© 2024 - موقع الشعر