قلب توفاه الوحيد - مختار شيخ الأرض

قد ماتَ بالآهاتِ كلُّ تألُّمي ... في حلوتي و القلبُ لم يتبسَّمِ...
 
قلبي توفَّاه الوحيدُ محبَّةً ... آهٍ و كلُّ توحُّدي بتعلُّمِ...
 
قد ماتَ ميمٌ فيه كانَ مسلِّماً ... في موطنٍ و القلبُ لم يتألَّمِ...
 
فيها يموتُ بحبِّها متبسِّماً ... و أنا الوحيدُ لها بكلِّ تهيُّمِ...
 
و هي الَّتي في الجوفِ تحلو كلَّما ... ذُكرتْ دمشقُ بسهرةِ المتكلِّمِ...
 
لا ينتهي حبِّي و إنَّ هوايتي ... وطنٌ سأحميه بكلِّ تسلُّمِ...
 
و إنِ ابتعدتُ فإنَّ همِّي صاحبٌ ... و إنِ اقتربتُ فإنَّ راحتَها دمي...
 
الربُّ يحميها و أكثرَ خيرَها ... لقدِ اختفى فيها الأسى كالمُعدمِ...
 
لم أنسَ ما علَّمتِني بعروبةٍ ... و رأيتُ ما قدَّمتُه لمعلِّمي...
 
أرتاحُ فيكِ و قد تركتُ من الهوى ... أهواكِ يا من كنتِ خيرَ توسُّمِ...
 
و لكَ المحبَّةُ دائماً يا موطني ... و عروبتي في الشامِ لم تستسلمِ...
 
و أقمتُ حربَ الحبِّ غيرَ مقاتلٍ ... كم في الحروبِ محرَّمٌ لم يُحرمِ...
 
فذكرتُ قاتلتي بكلِّ محبَّةٍ ... و نسيتُ قبري وافياً بتبسُّمِ...
 
متبسِّمٌ متوحِّدٌ متألِّمٌ ... بتبسُّمي و توحُّدي و تألُّمي...
 
إنِّي رأيتُ السوءَ قبلَ تفكُّرٍ ... و رأيتُه يهوى الأسى بتوهُّمِ...
 
و لئن مررتُ بليلةٍ دون الأسى ... مرَّتْ بيَ الآهاتُ غيرَ تهيُّمِ...
 
و رأيتُ أيَّاماً رحلتُ بها و لا ... أدري كئيباً قبلَها لم يُهدَمِ...
 
و تركتُ أفراحاً و عفتُ هوايةً ... كانتْ كبسمةِ قاتلٍ لم يُسلِمِ...
 
فبحثتُ عن همِّي و لستُ ملاقياً ... و بحثتُ عن عقلي و لم أتغرَّمِ...
 
ألَّفتُ من هذا الهوى برحيلِه ... و لقد رأيتُ من الرحيلِ تكتُّمي...
 
و كرهتُ آهاتي بكلِّ كئيبةٍ ... فرأيتُها حبِّي و كلَّ تعلُّمي...
 
ما قد يكونُ ملائماً لتفكُّرٍ ... قد لا يكونُ ملائماً لتندُّمِ...
 
إن كانَ في الآهاتِ سوءٌ واحدٌ ... فلقد رأيتُ الخيرَ فيها كالدمِ...
 
يا وحدتي إنِّي رأيتُكَ صاحبي ... رغمَ المنايا قد قتلتِ تألُّمي...
 
و بها لقد داريتُ كلَّ كئيبةٍ ... من حالةٍ فتركتُها كمُحرَّمِ...
 
ما غابَ عن عقلي تذكُّر وحدتي ... فهي الَّتي كانتْ كليلِ تعلُّمي...
 
إن كانَ رغمَ الهمِّ وجهٌ باسمٌ ... فالوجهُ أعدمَ بعد دهرٍ مظلمِ...
 
و لقد أمنتُ فإنَّ قبري نائمٌ ... و لقد تركتُ القبرَ بعد تفهُّمِ...
 
فكَّرتُ بعد تألُّمي و نسيتُه ... بتعلُّمٍ قُتلَ الهوى و تبسُّمِ...
 
قدرٌ هي الأحداثُ لستُ بهاربٍ ... و الخيرُ آتٍ لا بعيدٌ يرتمي...
 
إنِّي رأيتُ النورَ راحَ مودِّعاً ... فرأيتُ نوراً بعدَ ليلٍ مُعتِمِ...
 
و فتحتُ باباً قد ظننتُه حائطاً ... ففتحتُ أبواباً بحسنِ تقدُّمِ...
 
عندَ انعدامِ الماءِ أعرفُ تربةً ... فيها ارتواءٌ من جفافٍ المطعمِ...
 
و لقد رأيتُ الفقرَ فيكَ تعايشي ... فاقبلْ بفقرٍ راضياً فتنعَّمِ...
 
الربُّ يفعلُ ما يشاءُ و إنَّه ... لمهيمنٌ و بحكمِه لم يكلمِ...
 
و رأيتُ بعدَ الحربِ خيرَ غنيمةٍ ... و الحربُ قامتْ قبلَ نيلِ المغنمِ...
 
و لقد غفوتُ على الهمومِ تفهُّماً ... بالخيرِ قبلَ إقامةٍ و تهيُّمِ...
 
و رحلتُ من يومٍ و هذا يومُه ... و الحرُّ يرحلُ لا يُرى بتلثُّمِ...
 
اللهُ قد خلقَ الوحيدَ و إنَّه ... محبوبُه و فدى المحبَّةَ بالدمِ...
 
يا من خلقتَ الكونَ إنَّكَ واحدٌ ... و إلى الهوى يا ربُّ لستُ بمنتمِ...
 
و خلقتَ ترحمُ من خلقتَ معلِّماً ... خيرٌ مخالقُه بكلِّ توسُّمِ...
 
آمنتُ يا ربِّي بكلِّ ديانةٍ ... و قرأتُ عنها في كتابِ المسلمِ...
 
فبعثتَ أحكمَ من خلقتَ و إنَّه ... لمعلِّمٌ خيراً و لم يتعلَّمِ...
 
يا ربُّ سلِّمْه فإنَّه مؤمنٌ ... و الحربُ حولَه دينُه لم يجرمِ...
 
إنَّ الوفاءَ لكم أيا ربَّ الدنا ... لحبيبِه و لدينِه لم أكتمِ...
 
الدينُ إسلامٌ و كلُّ هدايةٍ ... فيه و ما هو دربُها بالمُظلِمِ...
 
و لقد هدى اللهُ القلوبَ و إنَّها ... فنيتْ من الآهاتِ بعد تفهُّمِ...
 
رحمَ الخلائقَ بالنبيِّ و إنَّه ... خيرُ الخليقةِ بالقيامِ و بالفمِ...
 
و قرأتُ قرآناً يريحُ مقرَّباً ... فيه التقيتُ براحةٍ و تنعُّمِ...
 
إن يخبئِ الإنسانُ همَّه هادئاً ... يلقَ الهمومَ تهدَّمتْ و يُنسَّمِ...
 
و يرَ افتهامَ حياتِه و كأنَّه ... ذو حكمةٍ حكمتْ عليه فيحكمِ...
 
يشكرْ فيُكثرْ بالنعيمِ و كلُّه ... حلٌّ له من مُنعِمٍ و مكرِّمِ...
 
يُحسنْ بكلِّ تأدُّبٍ و كلامُه ... حسنُ الكلامِ كساكنٍ متفهِّمِ...
 
يكفرْ فيُنسَ كقاتلٍ في همِّه ... يُتركْ بكلِّ كآبةٍ و تهدُّمِ...
 
و يتبْ فيعلمْ كم أساءَ و يستلمْ ... خيراً من اللهِ استحقَّ فيحلمِ...
 
ينسَ الهوى حكماً و ينأَ مسلِّماً ... و يكنْ كحرِّ الفكرِ لم يتوهَّمِ...
 
آمنْ و إنَّ القبرَ أقربُ صاحبٍ ... سيكونُ داراً بعدَ كلِّ تهرُّمِ...
 
أسلمتُ يا اللهُ إنَّكَ خالقي ... ربِّي ألا كنْ كلَّ حبٍّ في دمي...
 
و لقد نسيتُكَ من قتلتَ محبَّتي ... و تركتُ ذاكرتي بكلِّ تبسُّمِ...
 
إنِّي لأبقى بعدَ أيِّ ترحُّلٍ ... و كما علمتُ من التفكُّرِ مُلهمي...
 
و إنِ ارتميتُ بعقلِ من فارقتُه ... فأنا هنا و الحيُّ ما هو مرتمِ...
 
غرَّبتُ من تركَ الوفاءَ تسامحاً ... و تركتُه حرَّاً بغيرِ تفهُّمِ...
 
و لقد نسيتُ ملامحاً لاقيتُها ... و لقد قتلتُ من استحبَّ تألُّمي...
 
اللهُ يهدي من يشاءُ محبَّةً ... و يُعلَّمُ الإنسانُ قبلَ تحكُّمِ...
 
فإنِ اغتربتُ فإنَّ عقلي عالمٌ ... بتغيُّرِ الأحوالِ إن لم تسلمِ...
 
و المرءُ يدري ما الخفيَّةُ غالباً ... إن غارتِ الشفتان عن وجهِ الفمِ...
 
إنِّي رأيتُ من التغرُّبِ موطناً ... منه ارتحلتُ و بالغيابِ الأنسمِ...
 
و كرائهي رحلتْ بحسنِ تفاهمٍ ... و رأيتُ بالآهاتِ كلَّ توهُّمِ...
 
و لقد علمتُ بما أقومُ به فلا ... أنسى انتباهاً عندَ أيِّ مُحرَّمِ...
 
و قتلتُ ما كانَ التألُّمَ ربُّه ... و نسيتُ آهاتي بكلِّ تبسُّمِ...
 
إنِّي رثيتُ الموتَ قبلَ أوانِه ... ناديتُه فالموتُ راحةُ مسلمِ...
 
نفسٌ تموتُ لراحلٍ قتلَ الهوى ... و بكى الهوى همَّاً بكلِّ تعلُّمِ...
 
أ دمشقُ آهٍ كم أحبُّكِ يا دمي ... فتبسَّمي بتبسُّمي و تبسَّمي...
© 2024 - موقع الشعر