دموع الحزن - وليد بن رشيد ظاهري

أحببت الحياة و ما عبّرتني...
و مرارا دققت بابها...
فلمّا فتحت طردتني...
و أحببت الناس و ما أحبوني..
و سعيت لإرضائهم فأقسموا أن لايرضوني..
إن كان إرضاؤكم لي يرهقكم..
فإن إرضائي لكم هو ديني..
سأحبكم ما بقيت الأوراق في أغصاني..
و أستنشق جفاءكم كمسكينِ..
علّ زفيري مرّة يسقطها...
فألبس الثرى معطفا و حنينِ..
وخشيت الموت وغلّقت بابه..
وتمنيت بعدها لو أنّه كسره و قتلني..
و فتشت عن الحب بين حروفه حتى نسيته..
فلمّا نسيته تذكرني...
و بحثت عن ربي فوجدني..
و لمّا وجدته أحببته ...
و اكتشفت أنّه قبلها قد أحبني..
و عشقت رسوله لمّا سمعته..
و أدركت أنّ الحياة و الموت و الحب..
آيات ربي معها قد أوجدني..
فشربت من كأس الصبر حتى نفذ مني..
و ما عاد شيء في الحياة لها يجذبني..
وتجرّعت حروف الوحدة حرفا حرفا..
حتى ظننت أنّ ما في الكون غيري..
فتساءلت...أوجدت في الدنيا وحيدا...
أم الوحدة هي التي أوجدتني..
لا صديق يلمس ظهري...
و لا أخ يستطلع أمري...
فناديت في ليلة قد دنت نجومها منّي..
ربي إنّي تعبت فأقتلها أو أقتلني..
فاحتضنتني و بدموعها بللتني..
إن مت سأنتظرك في قبري..
أنا لك و أنت منّي...
حياتك لي و قدرك قدري..
و صاحت عيني مغاضبة..
إنما خلقت لأرى النور...
لا لأن أصنع الدموع و أبكي..
فاعتصرت منها أخر دمعة..
نظرت إليَّ تعاتبني...
أليس للكون رب قال لعبده أعبدني..
فقبّلت التراب ساجدا أكلمه..
ربي إني تجاوزت حدّي فأعفو و لا تعذبني..
فوهب لي وردة كلما أحببتها أحبتني..
و في غياهب الصحاري حرمت نفسها و سقتني..
و ثنّاها بشهاب نزل بيتي فأضاءه..
وهزها فأزتني...
فصحت بصوت مبلل...
ربي إنّ الشهاب و الوردة أعضائي..
فأخفضهما و أخفضني...
و امتلأ كأس صبري ...
و فرّ الموت مني...
و احتضنتني الحياة وأحبتني..
و رأت عيني النور فما رمّشت بعدها..
و ساد البياض في مشهدي فأسعدتني..
و ابتسمت دمعتي قائلة...
إن كان الحزن ليلا...
أليس بعد كل ليل فجر يقتله...
© 2024 - موقع الشعر