حلم ثان - عبدالسلام مصباح

حلم ثان
 
شعر
عبد السلام مصباح
 
 
1 -
أَحْلُمُ....
أَحْلُمُ بِامْرَأَةٍ قَادِرَةً
أَنْ تَنْزِلَ مِنْ بُرْجِ الْحُوتِ
مُعَمَّدَةً بِالْعُشْبِ
بِرَائِحَةِ الأَرْضِ
وَبالبَسَماتِ العَذراءِ..
وَتُطْلِقَ صَرْخَتَهَا
فِي وَجْهِ الْبَحْرِ
وَفِي وَجْهِ قَبِيلَتِهَا...
ثُمَّ تَمِيلُ إِلَى الأَرْصِفَةِ الْمَنْقوشَةِ
بالشَّمْسِ
لِتُؤَثِّثَ بِالْحُبِّ
وَبِالدِّفْءِ
أُنُوَثَتَها
وَنُبُوءَتَهَا.
 
2 -
أَحِلَمُ...
أَحْلَمُ بِامْرَأَةٍ قَادِرَةٍ
أَنْ تَتَخَلَّصَ مِنْ مَنْفاها
وَثَقافَتِها
وَشؤُون قَبِيلَتِها
وَقَواميس الصَّمْتِ
وَتَأْتِيَني
كَيْ تَتَشَعَّبَ كَالْغَيْمَةِ
فِي جَسَدِي،
أَوْ تَتَشَكَّلَ كَالَّلوْحَةِ
فِي أَوْرِدَتِي
وَشَرَايِينِي،
وَتَسِيحَ...
تَسِيحَ بُذوراً
في أَوْرِدَةِ القَلْبِ
وَرُؤيا
فِي الْحَرْفِ
 
3 -
أَحْلُمُ...
أَحْلُمُ بِامْرَأَةٍ قَادِرَةٍ
أَنِ تَتَحَمَّلَ طَيْشِي
نَزَوَاتِي
وَحَمَاقَاتِي،
أَنْ تَتَحَمَّلَ
كُلَّ جُنُونِ الشُّعَرَاءِ
وَكُلَّ جُنٌونِ الْعُشَّاقِ
وَلاَ تَنْفَعِلُ.
 
4 -
أَحْلُمُ...
أَحْلُمُ بِامْرَأَةٍ قَادِرَةٍ
أَنْ تَسْمَحَ لِلطِّفْلِ الرَّابِضِ
فِي أَعْمَاقِي
كَيْ يَقْفِزَ فَوْقَ عِبَادَاتِ الأَوْثَانِ
َفَوْقَ تَقَالِيدِ
وَعَادَاتِ الْمَرْأَةِ الشَّرْقِيَّة
أَنْ تَضْرِبَ عَرْضَ الْحَائِطِ
بِالأَعرَافِ الْمُنْدسَّةِ
تَحْتَ الْجلْدِ
وَتَحْتَ وَسَائِدِنَا...
أَنْ تَعْبَثَ بِالتَّارِيخِ الْمَدْسُوسِ
وَبِأَرْبَابِ الْوَثَنِيَّه.
أَنْ يَضرِمَ النّارَ في الْغُرَفِ المَنْسُوجَةِ
بالكَلْماتِ الْعَرْجاءِ
وبالحَبِّ الْمَشْلُول
وبالجِنْسِ الزّائفِ
والقَهْرِ.
 
5 -
أَحْلُمُ...
أَحْلُمُ بِامْرَأَةٍ قَادِرَةٍ
أَنْ تَرْسُمَ بُرْجَ الْنَّهْدِ
بِأَنْداءِ الطَّيْفِ
وَبِالْحَرْفِ...
لِتَفيضَ جَداوِلُها بالعَسَلِ
وَتَفْتَحَ أبْوابَ مراعيها الْمَمْلوءَةِ
بالفِعْلِ المَمْنوعِ
وبالحُلْمِ المُتَوَهِّجِ
في صَلَواتِ دمانا...
لِتُقَاسِمَنِي اللَّوْزَ
وَأُقَاسِمَها الْخُبْزَ
وَبَعْضَ التِّينِ...
وَتُشَارِكَنِي الْبَحْرَ الشَّاسِعَ
وَالُّلغَةَ الْمَوْشُومَةَ بِالشِّعْرِ
وَبِالأَلَقِ.
 
6 -
أَحْلُمُ...
أَحْلُمُ بِامْرَأَةٍ قَادِرَةٍ
أَنْ تَتَجَدَّدَ عِشْقاً فِي الْيَوْمِ
وَجُنُوناً فِي الَّليلِ
وَتَنْزِلَ ثَانِيَةً
عَشْراً
أَلْفاً...
مِنْ بُرْجِ الْحُوتِ
إِلَى بُرْجِ الْحَملِ ...
مُهَفْهَفَة
كَيْ تُلْبِسَنْي الطَّيْلَسَانَ
وَتُجْلِسَنِي فَوْقَ الْعَرْشِ
لأَحْكُمَ مَمَلَكَةَ الْعُشَّاقِ
وَمَمَلَكَةَ الشُّعَرَاءِ
حَتَّى آخِرَ نَبْضِ
فِي الْباءِ
وفي الحَاءِ...
وَحِينَ يُلاَمِسُنِي
يَسْحَقُنِي الْجُرْحُ الأَخْضَرُ
وَالَحُزْنُ الأَخْضَرُ
تَسْتَقْبِلُنِي
كَالطِّفْلِ الْعَائِدِ
مِنْ حَجَرَاتٍ الدَّرْسِ
وَتُلْقِفَنِي ثَدْيَيْهَا الْمَعْجُونَينِ
بِرَائِحَةِ الأَرْضِ
بِدَمِ الشُّهَدَاءِ
وَنَبْضِ الشُّعَرَاءِ...
وَلاَ تَحْفَلْ.
© 2024 - موقع الشعر