ما بين خريفين - خالد قاسم

أبيتُ الليلَ مفترشًا سهادي
وتسهرُ بالأسى عين الرقادِ

فلا فجرٌ يصافحُ أمنياتي
وحزن الليل يحويهِ انفرادي

دروبُ التيهِ تمشي في رحيلي
وقد ركِبتْ مسافاتي جوادي !

أنادي من فؤاديَ لا تدعني
ونبضُ القلبِ يصرخُ : لا تنادي

وحرف الحب يكتبني ظِهارا
فما أسررتُ في حرفيَّ بادِ

ربيعُ الذكرياتِ غدا خريفا
يلوِّنُ كلَّ حلمٍ بالسوادِ

على قوس الهزيمةِ لي سهامٌ
وكم وجهتُ سهميَ في عنادِ

أظنُ الناس تمضي عبرَ وادٍ
وأبقى ها هنا وحدي بوادِ

رحلتُ إليكِ أغزو كلّ بُعدٍ
أنكّسُ باللقا علمَ البُعادِ

إذا انقلبت حقائقنا , سلامٌ
سيُغسَلُ ماُ صبرك بالرمادِ!

أنا المنقادُ للأحزانِ قسْرا
وهذا الحزنُ أغراهُ انقيادي

إذا حزنتْ عيونكِ ذات يأسٍ
أُكحّلُ حزن عينكِ بالمُرَادِ

رحلتُ إليكِ لا زادٌ برحْلي
وهذا الحبُّ من عينيكِ زادي

أنا ما كنتُ يومًا ذا خصامٍ
فكمْ خاصمتُ فيكِ وكمْ أُعادي

ولي أنفاسُ وجدٍ تعتريني
وأسمع زفرةً قبل النِهادِ !

أرى زمنًا يجافي كلَّ وصلٍ
ويصفعُ بالنوى خدَّ الودادِ

فبغدادٌ تصلي العصرَ قصْرا
لها سفرُ الشتات إلى البلادِ

فلسطينٌ تسافرُ كلَّ ليالٍ
لتبحثَ عن صباحات الجهادِ

لنا صدأ السلاح بكل كفٍّ
ولم نضغطْ على عدل الزنادِ

يموتُ العدلُ في عين الخسارى
يعيش الجور في عين الفسادِ

أسيرُ إليكِ والعشقُ انطلاقي
كأني سائرٌ فوق القتادِ

لنا مدنٌ تسيّجها همومٌ
فحزنُ القدس عانقهُ ( الرمادي )

إذا هجرتْ طيور الحب عُشّي
أطيرُ إليكِ شوقًا , لستُ غادِ

إذا انتهتْ الخُطى يومًا ورائي
أسيرُ وراءَ خطوكِ غير بادِ

إذا اخضّرتْ فراغاتُ التنائي
فعصفوري بغصنيَ ليسَ شادِ

© 2024 - موقع الشعر