أفراح الربيع - عبدالله سليمان الخطيب

اني لأعرفها اذا مرت و حيت
و حين مرت و لم تلق التحيه
عرفتها سمراء عربيه ..!
 
تمر كل يوم اذا ازهر التفاح
و تعبر الشارع الخلفي في خفر النهار
اذا شممت عطرها الفواح
عرفتها سمراء عربيه ..!
 
و حين يأتِ الربيع و يخضر الجدار
و يشرق وجهها بألوان الزهور
و حين يسبقها العطر و يفشي لنا الاسرار
و يحكي قصة الامس
حين كانت عروس البحر
و حين يأتي الشمال و الجنوب
و الشرق و الغرب يخطبون الجمال
و حين يأتون في طلب المزيد
اني لأعرفها ..
فهي العروس التي يبتغون
في ثوبها الفلسطيني النقش منذ الاف السنين
سمراء عربيه ..!
 
و حين يرحل الشباب في عتمة الليل
الى المجهول و اللا مجهول ..
و حين ينتشر الرعب في كل الحقول
في الجبال و الوديان و السهول
و حين تخرج الفئران من جحورها
تبحث عن صيدها السمين
و يرجع الفتيان من ساحة القتال
ينشدون في اخر الليل و أول النهار
يختالون في ثياب المجد
ينشدون اناشيد الانتصار
اني لاعرفهم ..
هم ابناؤها الثوار
عادوا من نزهة في الليل
كانوا يصطادون الارانب و يلقون عليها التحيه
و حين ينتصب الموكب الكبير
و يمتطي الحصان ابناؤها السمر
و يمتطون الموج في جعبة الاعصار
و حين يسقطون في ساحة الديار
و تبتسم لهم ..
و يسقط الحصار
و يسقط البطل على يديها يقبلها
و يدفن وجهه في صدرها
و يسقط الحصار
و يطلع النهار
اني لاعرفها
هي العروس منذ الاف السنين
سمراء فلسطين العربيه ..!
 
و حين يشتعل الجبل
و ينفجر البركان
و تهتز الرؤوس تحت عبء الخجل
و تنحني الرؤوس المليئة بالغضب
يتحرك الزلزال
و الفارس البطل يصارع التعب
تخرج في ثوبها الابيض الفضفاض
عروس البحر ..
اني لاعرفها كما كانت منذ الاف السنين
سمراء عربيه ..!
سمراء فلسطين العربيه ..!
 
و حين تهتز الجبال احتراما و تنحني القمم
و ترتفع السنابل اجلالا و تنحني الهمم
و يلعب الثوار حلقة الدبكة الفلسطينية التراث
يختالون في تباب المجد
بلونها الاحمر و الارجوان و زهر الأقحوان
هناك في احضانها تنام العيون
تنبت الرموش من جديد
و يولد الربيع من جديد
تجيء العروس مجلية بالفرح
تسير اختيالا بين الصفوف
هي العروس كما كانت منذ الاف السنين
فلسطين ام المليون شهيد ..!
 
عرفتها يوم اقتادنا السلطان الى المقصله
دعت لي بطول العمر و اهدتني سنبله
دعت لي بالنصر المبين و اهدتني قنبله
و قالت: لا تخف ظلم السلاطين و اهدتني قنبله
اهدتني قبلة على الخدين
و قالت: سر
امامك المجهول و عتمة الليل
فاسترشد بهذه السنبله
و غابت و اختفت وراء العين
بثوبها الابيض الفضفاض موشومة الخدين ..!
و حين يبتهل الشيوخ في محاريب الصلاه
تبتسم عروسنا الجميله
تفتح ذراعيها لابنائها الزوار
تحضن بعضهم الى الابد و يرجع الباقون
تعلوا الزغاريد و الافراح و يأتي المدد
و يضحك النهار و يخسئ الليل، ليل الانكسار ..!
© 2024 - موقع الشعر