الضوء الأسود

الضوء الأسود
 
للشاعر : حمدي الطحان
 
 
 
الضوءُ الأسودُ يسحقُ أضلاعَ الشَّفقِ
ويبلعُ كلَّ الألوان
والشّاطئُ مطموسٌ لا يبدو أبدًا
لا يُلْمحُ أبدًا يا عينان
والقلبُ ثليجٌ في الخفقان
والعصفُ أُصيبَ بلوثةِ أمردِ شيطان
يَقذفُ بالموجِ وبالألواحِ وبالحممِ العمياءِ وبالبركان
أَوَقد ننجو ؟!!
هل شيءٌ بالإمكان ؟!!!
 
*************
 
الطائرُ منبوذٌ منذُ اخترقتْ عيناهُ الأفقَ الممتد
مُذْ حرّكَ جنحيه المنهدلينِ
وفارقَ عُشَّ المهدِ إلى اللحد
الطائرُ مرجومٌ بالصدِّ
ومُرتدٌّ في السدِّ
ومُنحطِمٌ في القيد
ليليٌّ بينَ طيورِ النُّورِ وبينَ الحور
شرقيٌّ في الغربِ وغربيٌّ في الشرقِ ومُنجزِرٌ في المدّ
ممسوخٌ في كلِّ أوان
ما أقسى الطيران !!
ما أقسى الطيران !!!
 
***********
 
قالتْ ساخرةً : هل أنتَ حقيقيٌّ شاعر ؟!
هل تشعرُ مثلَ الشُّعراءِ ؟! فأينَ الرِّقّة ؟!!
والهمسُ النَّاعمُ والخفقة ؟!!!
والحِسُّ الدَّافئُ والدَّفقة ؟!!!
والعَشْقةُ تتلوها العَشْقة ؟
قلتُ : الشاعرُ إنسان
يَمكُثُ في الغليانِ إذا كان الغليان
وكثيرًا ما يغلبُهُ الغثيانُ إذا ما هان
ومرارًا ما تشنُقُهُ الأشجان !
 
************
 
وطني يدعوني أن أصفحَ عنهُ
إنْ سرقَ المستقبلَ والحاضر
وشبابي المأفونَ الحائر
بأكُفِّ الماكرِ والتاجر
والوغدِ الجبّار الفاجر
إنْ قُصِمَ الظّهرُ وغيلتْ شمسُ العينين
ورأيتُ ذبائحَ أحلامي
مُلقاةً تحتَ القدمين
إن قطعوا حتّى الكفّين
وأماتوا همس الشفتين
وطني يدعوني أن أُعلِنَ كُلَّ الإذعان
أو أغدوَ أحدَ الجُرذان
وأنا ما عُدتُ سوى ماضٍ خلفَ القضبان
وأنا ما عُدتُ سوى جُرحٍ
وبدون لسان !!!!!!
 
**********************
*************
******