إضحاك الدنى إبكاء - حمدي الطحان

( إِضْحَاكُ الدُّنَىٰ إِبْكَاءُ) حمدي الطحان
_______________________
أَضْحَىٰ الوَفَاءُ   و أَنْ  يَدُومَ صَفَاءُ
فِي ذَا   الزَّمَانِ   كَأَنْ   يُرَى العَنْقَاءُ
 
والصِّدْقُ   والإِخْلَاصُ  صَارَا  كِذْبَةً
أَمَّا    الضَّمِيرُ     فَلَوْثةٌ     و  هُرَاءُ
 
والحُبُّ  و الإِيثَارُ   خُدْعَةُ   وَاهِمٍ
فَهُمَا   و  أَطْوَاقُ   المُحَالِ   سَوَاءُ
 
مَازِلْتُ أَجْهَلَ مَنْ عَرِفْتُ مِنَ الوَرَىٰ
قَلْبٌ   طُفُولِيٌّ    ،    و  عَقْلٌ  دَاءُ
 
مَهْمَا حَفَرْتَ  أَيَا   زَمَانُ   بِمُهْجَتِي
النَّقْشُ مَحْوٌ  ،   و السُّطُورُ   المَاءُ
 
حُجُبُ الخَدِيعَةِ فِي الفُؤَادِ كَثِيفَةٌ
لَمْ   يَبْقَ    لِلْعَيْنَيْنِ    ثَمَّ   ضِيَاءُ
 
إِنْ  تَأْتِنِي الأَيَّامُ    يَغْمُرْنِي   السَّنَا
و يَحُطَّ  بِي  فَوْقَ السَّحَابِ  رَجَاءُ
 
لَكِنَّنِي إِنْ أَصْحُ  يَصْعَقْنِي  الدُّجَىٰ
و يَدُكَّ    يَأْسٌ   أَضْلُعِي   و خَوَاءُ
 
يَا  طَالَمَا  كُنْتُ  الفَرَاشَةَ  واللَّهِيبَ
و قَادَنِي     نَحْوَ     الفَنَاءِ     نِدَاءُ
 
وصَعَدْتُ   لِلأَعْلَىٰ   غَرِيرًا  أَحْمَقًا
ثُمَّ  انْحَطَمْتُ ،  و قَهْقَهَتْ   ظَلْمَاءُ
 
فَأَقُولُ :  يَا  نَفْسِي  مُحَالٌ عَوْدَتِي
و لَئِنْ    رَجعْتُ    فَإِنَّنِي   الخَطَّاءُ
 
فَلَقَدْ  خَبَرْتُ  الكَوْنَ  حَوْلِي خِبْرَةً
لَمْ   يُؤتَهَا    مَوْتَىٰ     و لَا   أَحْيَاءُ
 
و لَقَدْ  عَلِمْتُ   بِأَنَّ    إِقْبَالَ  الدُّنَىٰ
هُوَ   فِي  الحَقِيقَةِ   شِقْوَةٌ   وبَلَاءُ
 
وبِأَنَّهَا  إِنْ  كُدِّرَتْ  ،   فَلَقَدْ  صَفَتْ
و بِأَنَّ    إِضْحَاكَ     الدُّنَىٰ     إِبْكَاءُ
 
وأَعُودُ أَمْضِي  فِي الوُجُودِ  مُكَرَّرًا
و مُغيَّبًا    ،    قَدْ   غُمَّتِ   الأَشْيَاءُ
 
وتَعُودُ  تَخْدَعُنِي  الطُّيُورُ  جَمِيعُهَا
و البَحْرُ     و الشُّطْآنُ    و الأَجْوَاءُ
 
ويَحُوطُنِي وَهْمِي الكَبِيرُ بِلَا هُدَىً
و يَطِيرُ   بِي  نَحْوَ  الضَّبَابِ  عَمَاءُ
 
صَيْدَ الرِّيَاحِ غَدَوْتُ فِي جَوْفِ المَدَىٰ
إِنْ   طَوَّحَتْنِي    تَسْخَرِ    الأَرْجَاءُ
 
إِنِّي  أَنَا    الإِنْسَانُ    ،   نَسَّايٌ  أَنَا
مَهْمَا    ادَّكَرْتُ   أَصَابَنِي   الإِغْفَاءُ
 
----------------------------------------
................. حمدي الطحان
© 2025 - موقع الشعر