افيون الشعوب - الحسين الطاهر

- في كل ارض مناحة
و في كل زمان باكِ
و من كثرة الظلم اضحى
حتى الظالمُ شاكِ
- الغوا الجنة من السماء
و قالوا على الارض نصنع جنتنا
فأزالوا من القلوب الامل
و لم يعطونا بغيتنا
قالوا ليس هناك يوم عدلٍ
يقوم فيه الناس جميعا
لكن نشرع لنا قانونا
فخرّ المشرِّع صريعا
- حين ثرت على القانون
قالوا: بل انت مجنون
قلت: فلاستمتع بحياتي
فغدا اذوق المنون
تقولون سأغدو الى فناء
فلن اصعد الى السماء
و سببكم الوحيد لكي احافظ على النظام
هو لكي تتقدم الحياة الى الامام
فتبا للحياة من بعدي
فمتى رأيتم في الناس الكرام
و في اي عهد عاش الجميع في سلام
ام كل نظرياتكم كلام في كلام؟
تريدون من الجميع ان يضحي
لاجل القادم من الاجيال
يا صحبي الطيبين، ما تطلبونه هو المحال
ترون حولكم -في كل لحظة- الانانية
و ترون القتل و الدمار و اللانسانية
- سلبتم من القلوب الايمان
قلتم لا يوجد اله رحمن
بل طبيعة شرسة قاسية
ازلتم الملائكة.. الا الزبانية
قلتم قامت الحروب لاجل الاديان
بل الحروب من شيم الانسان
قلتم انظروا الى حروب الصليب
بل انظروا انتم الى النازية و التعذيب
و الهنا و الهكم، لولا افيون الشعوب هذا
لما كانت شعوب
و لما كانت حضارة
و لكان لنا في العيش في الغابات نصيب
و بعدما شردتم الناس من بيوتها اليوم
تقولون لا دنيا ثانية
فالى اين اذن الهروب
- لو كان دين يأمر بالسكوت عن الظلام
لو كان يقول ان العمل و التعب حرام
لو كان يوصي بان اعمال البرّ اثام
حينها اصدروا حكم الايمان: اعدام
- بين الخرائب نمشي،
بين الخرائب
اضحت مساكن الانسان
حولنا زرائب
بات زرع الورود و الازهار اكبر المثالب
فقط نركض لاجل الغد الجميل
متى يأتي هذا الغد؟
هل –تحسبا- اجمع اموالي كبخيل
و ابني بيني و بين الناس سد
- يريدوننا ان نكون كالالات
ليتمتع ابناؤنا بالحياة
يتمنون ان تمضي السنوات
و لنستمتع حين نكون في ارذل العمر
اليس هو وقت الراحة؟
بعد التقاعد و تجميع الاموال و الامراض
حينها نبدأ حياتنا
حين تكون حياتنا اقتراض !
- تخرج من القرية المهدّمة الجموع
تنظر الى السماء في امل و دعاء
تقولون اخفضوا العيون و اتركوا الخرافة
يخفضونها في خنوع
تقولون لا تخضعوا لغيركم
بئس هذا الخضوع !
صدقوني الى السماء غدا سينظرون
و في اعينهم دموع
- تخرج من القرية المهدّمة الجموع
تقولون لن نستطيع بناء المنازل
فالميزانية لا تتحمل هذه المسائل
لن نوفر الكهرباء.. استخدموا المشاعل
سيريدون الذهاب الى الرئيس
الاجل قضية تافهة كهذه؟!
الاجل قرية نائية كهذه؟!
صحيح انها حياتكم
لكن ما قيمتكم انتم؟
لا قيمة في هذه البيئة العدوانية
الا للمثقفين، لاصحاب العقول
الم تسمعوا بان اصلنا حيوان !
لكن كنتم منشغلين في زراعة البقول !
تبا ياله من تخلّف !
يقول فلاح: انتم تاكلون محاصيل الحقول !
يقولون: المتخلف يريد ان يصبح متفلسف
نحن لا نأكل الا المستورد من الخارج!
السيد النبيل يترك الفلاح في ذهول
فماذا بعد الان يستطيع ان يقول؟!
اخيرا يكسر الصمت المشحون
بالاحزان و الشجون
يقولون: نحن سنترككم تعيشون
رغم غبائكم، رغم عقلكم المسجون
هذا بعض فضلنا عليكم
يا عامة الشعب، يا ابناء القردة
يا من لا تعرفون القانون !
- يا جماعة، لا تؤمنوا بدين
ان الايمان بالغيب امر يشين
اتريدون من شيوخ الدين ان يسرقوكم
و كم سرقوا من مساكين؟
اتريدون باسم الدين ان يحرقوكم
و كم احرقوا من بريئين؟
ما دام حراس الدين هكذا
اذن لن يكون الدين الا سياجا
يحبس قطيع الصامتين
و الدنيا هي الشيء الوحيد الثمين
صحيح، بما سرقكم ملحد
و ربما كان ملجأ للفقراء كل مسجد
و ربما –صدفة !- كان رجال الدين بشر
منهم من يرعى الخير
و منهم من يغلبه الشر
ربما كان حارس مدينة الالعاب
شخصا يكذب و يغتاب
مجنونا يتمنى تفريق الاحباب
- يا اخوتي في البشرية
دعونا نعش عيشة مرضية
اتركوا الرحمن الجبار في السماء
يعدل و يرحم اذا يشاء
اتركوا لنا الامل
لا تخافوا، سنتجه الى العمل
لكن حين لا ينفعنا شيء ارضي
تبقى لنا شمعة في صدورنا تضيء:
ربما استجيب الدعاء
و ما يدريكم؟ ربما استجيب الدعاء..
© 2024 - موقع الشعر