في اخر ساعات الغروب - الحسين الطاهر

في اخر ساعات الغروب
و الشمس في الافق تذوب
نرفع العيون في هدوء
نتركها في السماء تجوب
و يصعد الصوت قليلا قليلا
و تتجاوب معنا السهوب
و تنشد معنا البراري، و تردد القلوب
ايها الحزن المقيم بيننا
و يا دماء الحروب
و يا نوح الحمام، و بكاء الغمام
و تنهدات الاجداد العظام
و يا صدى النحيب
ننادي، و من يجيب؟
يا سواد الفضاء المريب
يا شعاع القمر المهيب
و يا ضوء النجوم العجيب
شموسا ابت الافول
رغم الشحوب
رغم النحول
ترسل عبر الفضاء ضوءها
فيدور و يجول
لكنه يصرّ على المسير
لا ينتظر من الناس القبول
لكن عدم قبوله عسير
لا ندري امتأنٍ ام خجول
و لا ندري غدا اين يصير
فقتال الزمان يضير
لكن هل سيرضى بالمصير؟
ذاك ضوء النجوم البعيد
ذكرى الماضي المجيد
يقول لنا لا تيأسوا، لكن ترده الغيوم
**
سويا نخفض العيون
فالسماء لغز لا يبين
سيبقى لابد الابدين، بعد فنائنا كلنا
حين يرسل نوره القمر
و يرى رفات اخر البشر
و يبتسم متذكرا ايام العظايا
و ايام سيادة البكتريا
ثم يبتسم هازئا، و يختفي وقت السحَر
على لا شيء، الا ما ندر
**
من جديد ترفع العيون الدامعة
و بين السكون و السماء التي اضحت ناصعة
مع انسام برد قارسة
نترنم باصوات ضائعة:
ما اشدك يا برد، و ما اصعبك يا مجد
و ننظر الغيوم تجيء.. ثم ماذا بعد؟
نصيخ السمع.. لكن لا رد
يكاد ينحدر الدمع
و بارادتنا يُصَد
و يكبر الجمع
لكن لا احد يهتم بالعدّ
و الكل يتساءل حيرانا
ترى ماذا سيجلب الغد؟
**
نجلس على الارض نشعل النيران
بددي جهل الانسان
يا رمز الفناء و الخلود
يا مبددة الجمود
و اذ تقترب السحب.. نرى الشر يقترب
اجيبي يا نيران القلب
بماذا المستقبل سيجود؟
بم الزمان الينا سيعود؟
**
نرفع العيون نحو السواد
و تهطل الامطار و تهددنا الرعود
يا له من غباء !
هل سيخافك من عاش وسط البروق؟!
لن يخيفنا الا المجهول !
و الاضواء تنير السماء
اضواء هائجة عمياء
ليست كضوء النجم الصامت
بل اصوات تصرخ كأنها صمّاء..
ننهض في رسوخ
الى السماء ننظر في شموخ
لن تصيبنا الرياح بالشروخ
نضحك مرارا باستهزاء
فغدا نصعد الى العلياء
حكماء كالشيوخ
و كالاطفال ابرياء..
© 2024 - موقع الشعر