يا دارَ عَمْرة َ من مُحتلِّها الجَرَعا - لقيط بن يعمر الإيادي

يا دارَ عَمْرة َ من مُحتلِّها الجَرَعا
هاجتَ لي الهمّ والأحزانَ والوجعا

وتلبسون ثياب الأمن ضاحية
لا تجمعون، وهذا الليث قد جَمعَا

فهم سراع إليكم، بين ملتقطٍ
شوكاً وآخر يجني الصاب والسّلعا

ألا تخافون قوماً لا أبا لكم
أمسوا إليكم كأمثال الدّبا سُرُعا

وقد أظلّكم من شطر ثغركم
هولُ له ظلم تغشاكم قطعا

فما أزال على شحط يؤرقني
طيفٌ تعمَّدَ رحلي حيث ما وضعا

تامت فادي بذات الجزع خرعبة
مرت تريد بذات العذبة البِيَعا

مالي أراكم نياماً في بلهنية
وقد ترونَ شِهابَ الحرب قد سطعا

لو أن جمعهمُ راموا بهدّته
شُمَّ الشَّماريخِ من ثهلانَ لانصدعا

أنتمْ فريقانِ هذا لا يقوم له
هصرُ الليوثِ وهذا هالك صقعا

أبناء قوم تأووكم على حنقٍ
لا يشعرون أضرَّ الله أم نفعا

إني بعيني ما أمّت حمولُهم
بطنَ السَّلوطحِ، لا ينظرنَ مَنْ تَبعا

جرت لما بيننا حبل الشموس فلا
يأساً مبيناً نرى منها، ولا طمعا

أحرار فارس أبناء الملوك لهم
من الجموع جموعٌ تزدهي القلعا

فاشفوا غليلي برأيٍ منكمُ حَسَنٍ
يُضحي فؤادي له ريّان قد نقعا

طوراً أراهم وطوراً لا أبينهم
إذا تواضع خدر ساعة لمعا

في كل يومٍ يسنّون الحراب لكم
لا يهجعونَ، إذا ما غافلٌ هجعا

خُرْزاً عيونُهم كأنَّ لحظَهم
حريقُ نار ترى منه السّنا قِطعا

بل أيها الراكب المزجي على عجل
نحو الجزيرة مرتاداً ومنتجعا

ولا تكونوا كمن قد باتَ مُكْتنِعا
إذا يقال له: افرجْ غمَّة ً كَنَعا

صونوا جيادكم واجلوا سيوفكم
وجددوا للقسيّ النَّبل والشّرعا

أبلغ إياداً، وخلّل في سراتهم
إني أرى الرأي إن لم أعصَ قد نصعا

لا الحرثُ يشغَلُهم بل لا يرون لهم
من دون بيضتِكم رِيّاً ولا شِبَعا

وأنتمُ تحرثونَ الأرضَ عن سَفَهٍ
في كل معتملٍ تبغون مزدرعا

يا لهفَ نفسي إن كانت أموركم
شتى َّ، وأُحْكِمَ أمر الناس فاجتمعا

اشروا تلادكم في حرز أنفسكم
وحِرْز نسوتكم، لا تهلكوا هَلَعا

ولا يدعْ بعضُكم بعضاً لنائبة
كما تركتم بأعلى بيشة َ النخعا

وتُلقحون حِيالَ الشّوْل آونة
وتنتجون بدار القلعة ِ الرُّبعا

اذكوا العيون وراء السرحِ واحترسوا
حتى ترى الخيل من تعدائهارُجُعا

فإن غُلبتم على ضنٍّ بداركم
فقد لقيتم بأمرِ حازمٍ فَزَعا

لا تلهكم إبلُ ليست لكم إبلُ
إن العدو بعظم منكم قَرَعا

هيهات لا مالَ من زرع ولا إبلٍ
يُرجى لغابركم إن أنفكم جُدِعا

لا تثمروا المالَ للأعداء إنهم
إن يظفروا يحتووكم والتّلاد معا

والله ما انفكت الأموال مذ أبدُ
لأهلها أن أصيبوا مرة ً تبعا

يا قومُ إنَّ لكم من عزّ أوّلكم
إرثاً، قد أشفقت أن يُودي فينقطعا

ومايَرُدُّ عليكم عزُّ أوّلكم
أن ضاعَ آخره، أو ذلَّ فاتضعا

فلا تغرنكم دنياً ولا طمعُ
لن تنعشوا بزماعٍ ذلك الطمعا

يا قومُ بيضتكم لا تفجعنَّ بها
إني أخافُ عليها الأزلمَ الجذعا

يا قومُ لا تأمنوا إن كنتمُ غُيُراً
على نسائكم كسرى وما جمعا

هو الجلاء الذي يجتثُّ أصلكم
فمن رأى مثل ذا رأياً ومن سمعا

قوموا قياماً على أمشاط أرجلكم
ثم افزعوا قد ينال الأمن من فزعا

فقلدوا أمركم لله دركم
رحبَ الذراع بأمر الحرب مضطلعا

لا مترفاً إن رخاءُ العيش ساعده
ولا إذا عضَّ مكروهُ به خشعا

مُسهّدُ النوم تعنيه ثغوركم
يروم منها إلى الأعداء مُطّلعا

ما انفك يحلب درَّ الدهر أشطره
يكون مُتّبَعا طوراً ومُتبِعا

وليس يشغَله مالٌ يثمّرُهُ
عنكم، ولا ولد يبغى له الرفعا

حتى استمرت على شزر مريرته
مستحكمَ السنِ، لا قمحاً ولا ضرعا

كمالِك بن قنانٍ أو كصاحبه
زيد القنا يوم لاقى الحارثين معا

إذّ عابه عائبُ يوماً فقال له:
دمّث لجنبك قبل الليل مضطجعا

فساوروه فألفوه أخا علل
في الحرب يحتبلُ الرئبالَ والسبعا

عبلَ الذراع أبياً ذا مزابنة
في الحرب لا عاجزاً نكساً ولا ورعا

مستنجداً يتّحدَّى الناسَ كلّهمُ
لو قارعَ الناسَ عن أحسابهم قَرَعا

هذا كتابي إليكم والنذير لكم
لمن رأى رأيه منكم ومن سمعا

لقد بذلت لكم نصحي بلا دخل
فاستيقظوا إن خيرَ العلم ما نفعا

© 2024 - موقع الشعر