إلى قبر أبي - لفى الهفتاء

أيا حادي حداة الموت سمّعني حداة الموت
لعين أنين من له عوّدت ريح الصبا سختيت

معك من آزر المؤمن وضدّ الجبت والطاغوت
ويبدي حيث ما تبدي بنفس اليوم والتوقيت

عزالك ما تبي ؟! والعين ترسم لك خيال بْيوت
لها من حائط المرسم تقرطس لوحةٍ من زيت

إلى جلبابة الراحل ومركاعٍ من الياقوت
إلى حسرة إبن .. ما هي على ليلى ولا جوليت

إلى نردين بستانه ونيزك جوّه المخروت
إلى السلوان من بعده إلى الدعوة إلى التسميت

إلى زاجٍ بعد عينه على وبل الحبر محتوت
إلى دمعٍ من الكوثر يقبّل سلّة الإصليت

بلملم ما تبعثر وسْط طفلٍ عالمه سبروت
سمع له بالعدم صوتٍ وقال مْن العدم حيّيت

دعاني والدي للموت في صوتٍ يجاوب صوت
بعد (إثني عشر عامً) ومثله لا دعاني جيت

ولكنّ الكفن دونه يحاكي وحشة التابوت
وورد الحي لا فتّح يماري به تراب الميت

ألا يابوي والدنيا متاعي لا يفوت الفوت
وأنا دوبي على عمرً مثل عمر الزهر سمّيت

حلمت إني معك بين النصايب والعباد سْكوت
على روحي طيور السابعة صلّت وأنا صلّيت

تحدّثني عن أيامً بحرها دهوْر الجلبوت
ألا يا ساق وش عدّيت ؟! ألا يا كف وش مدّيت ؟!

وأعيد الذاكرة وأكتب ملاحم حزني المكبوت
وأرى دمعي نزل مني على طرسي من أوّل بيت

ألا يابوي ما تدري بما جاني .. بغيت أموت
ولكن دعوة الإيمان نادتني وأنا لبّيت

حكاية مكر (ابن قومي) ونشوة (خمرة الحانوت)
لهن في دنيتي ما فاق وش سوّيت ما سوّيت

لمن في ماءْ نهر دجلة سقا برشوم أهل بيروت
تداعت في نهار السبت به غيداً ورى تكريت

حفر لي أعصم الشارب وهو بعيوننا هلفوت
بعد مااهدا على عمري من أزهار الفنا بوكيت

يعشّيني على ساحل بحر قلزم بنات الحوت
وأنا كافي عليّ أشرب من ايدين الغلا شربيت

يهدّ بيوت بالجوزاء لعين الهيكل المنحوت
بعد زحّت ملوك الجنّ قدمه صرخةٍ من هيت

لساحر مرمريتا شال شعره من فتى تاروت
بجاهيّة عجوزٍ عظّمة (خنزب) على (حبريت)

ولو لي ما لبابل من سحر هاروتٍ وماروت
توضّيت بدماه ومن ضلوعه جمرةٍ شبّيت

ولكنّ العرندس بيد ابن آوه ضحى ريموت
وما به جاد ذو بشتٍ مذيّل جاد ذو جاكيت

عليه الله وأنا من حيث ما وجهّت ما من قوت
ومن ما قد دعابي عن بلاد أهل الحسد شدّيت

أسافر من بلد سومر لصرخة غانيات (الكوت)
بحندس ليلةٍ يبكي (لخسفة طوسها) (كبريت)

لهن سجّيت بأقرأ والنبأ في يومي الموقوت
وفي دعوة جناب الحرّة أم المفتدى سجّيت

قبل ما يقرع الكاسة على قدر الكهل .. نبّوت
وقبل ما تبدل العود المعتّق موشت الباكيت

تعبت أقول يا جالوت جا جند الملك طالوت
ولو عندي كمقلاع النبي دواود ما ثنّيت

ولكنّ الزمن ما خلّد الطغيان يا جالوت
عليك الله تبي تكشف لنا الأيام ما أخفيت

تعبت أمسحك يا خاتم بخنصر سيّدك سفروت
على طلسامة الدنيا بعبّ الهردم الشمّيت

تعبت أقول يا ياسي معك حبل الرجا مفلوت
وأنا دونك من أعماقي بكيت من القهر وابكيت

ألا يابوي إخذ ما راق لك مني وأنا منهوت
نهاية عالم اللاما بداية عالم التشتيت

عذابي فوق ما جزّ العواجي لوعةٍ من نوت
وأنا ما قد من أحداث النوى والعاطفة ونّيت

تسامر عيني الدمع وملايين العيون خفوت
يلاحيني حمام الهم في صدري وله لاحيت

أنا من مولدي ما استحقر بْشوتٍ لكار بْشوت
ولا عظّمت أهل صفر الكراسي لا ورب البيت

ولا جرّيت قوس ولا لعبت النرد والبالوت
ولا ذقت النبيذ ولا لداخل حانةٍ لقّيت

من الله ما لفى لقمة بفمّ أخوْل ولا سربوت
جعلني دون ما يجهل من أحداث الزمن خرتيت

خلقني هيلعً عنتوت وابقى هيلعً عنتوت
بجوفي من ذوي عبقر ملوكٍ لعبهم روليت

من الألفين أرقّص ألف جنيّة وأنا مبخوت
أجمّعهن على (اللاحق) وأفرّقهن على (الدوبيت)

أنادمهن وسط (صنعاءْ) وفي وادٍ ورى (صحنوت)
بهن لأعتى بلادٍ تحت جنحان الظلام أمضيت

صغيرً بس لا غنّى .. تطيح من الكبار كْروت
على (لون الشقر) قالوا بأنه من شعر عفريت

وأنا ما أقول غير التوت وينه يا هواة التوت
بعد خمّرتوا العلقم وذقتوا موية الحلتيت

وقدّمتوا سميّ الباز واسمه بالأصل كتكوت
وقارنتوه في هدهد نبي الله وجا له صيت

ولكن بعد ما مات الصقر جا للطيور بخوت
وأنا عنهم من أمّات التسع في ذاالثمان أدليت

سببها زاهد الدنيا إلى أرض الخلود يْفوت
إلى آخر ملاحم شاعرٍ عنوانه التنهيت

على ذكرى الفقيد العاطرة والخافي المنكوت
نهاية رحلتي ساعة إلى أرض الغدوّ أدويت

سلام الله يا ضاف الكفن في وحشة التابوت
وأنا لا غمّضت عيني معاك مْن العدم توقيت

© 2024 - موقع الشعر