يؤرقني التذكر - الخنساء

يؤرقُني التذكر حين أُمسي
فأُصبح قد بليت بفرط نكسِ

على صخرٍ وأي فتىً كصخر
ليوم كريهة وطعان حلسِ

و للخصم الألد إذا تعدى
ليأخذ حق مظلومٍ بقنِسِ

فلم أر مثله رزأً لجنٍ
ولم أر مثله رزأً لأنسِ

أشد على صروف الدهر أيداً
و أفصل في الخطوب بغير لبسِ

و ضيفٍ طارقٍ أو مستجيرٍ
يروع قلبه من كل جرسِ

فأكرمه و آمنه فأمسى
خليا باله من كل بؤسِ

يذكرني طلوع الشمس صخراً
و أذكره لكل مغيب شمسِ

ولولا كثرة الباكين حولي
على إخوانهم لقتلت نفسي

ولكن لا أزال أرى عجولاً
وباكية تنوح ليومِ نحسِ

أراها والها تبكي أخاها
عشية رِزئه أو غب أمسِ

و ما يبكون مثل أخي ولكن
أُعزي النفس عنه بالتأسي

فلا والله لا أنساك حتى
أفارق مهجتي ويُشق رمسي

فقد ودعت يوم فراق صخرٍ
بي حسّان لذاتي وأنسي

فيالهفي عليه, ولهف أمي
أيصبح في الضريح وفيه يمسي

© 2024 - موقع الشعر