فردوس (فصحى) - لفى الهفتاء

عمّاهُ .. ما كذّبتْ بالحبِّ (فردوسُ)
حينَ رماها بوادِ الجنِّ نقريسُ

تختالُ فردوسُ من شعري وخاطرتي
في حسنها مثلما يختالُ طاؤوسُ

ممشوقةٌ عن حِسَانِ الأرضِ فارقةٌ
تُسخي لها بالأحاسيسِ الأحاسيسُ

تزهو بها في سماءِ الفكرِ فارهةٌ
يعودُ فيها (لعشتارٍ) (أدونيسُ)

كأنها آيةٌ بالعهدِ عالقةٌ
ما جاءَ فيها لأهل الشامِ (جرجيسُ)

فردوسُ ختمٌ تراهُ الناس في جسَدي
منهُ أتاني بماءِ النارِ برديسُ

كم جئت منها لمنْ للكفِ قارئةٌ
عن صحو بينٍ عليهِ طالَ كابوسُ

أميرةٌ حولها تسعونَ جاريَةً
ما نال منها قبيلَ الموتِ إبليسُ

في عينها شقُ أنمارٍ يناوِلُني
سحراً وما السحرُ بالألحاظِ ملموسُ

والشعرُ ممتثلٌ فوقَ الجبينِ كما
ديجورُ ليلٍ تدلّى منهُ فانوسُ

والثغرُ فيهِ دنى جمرٌ على برَدٍ
والأنفُ أقنى وذاك الخدُّ إمليسُ

والصدرُ ديباجةٌ فيها موشّحَةٌ
أوْ سنكسارٌ روى ما فيهِ قسّيسُ

صافٍ عليهِ تعلّتْ (قبّتا ذهَبٍ)
كما تعلّتْ على الخيلِ القرابيسُ

ريّانتانِ نبيذاً جئتُ ألْعَقَهُ
حتى سَلِسْتُ وإني منهُ مسلوسُ

هَذاكَ نهدٌ بماءِ الوردِ منغمرٌ
وذاكَ نهدٌ بكأسِ الخمرِ مغموسُ

والعقدُ قد باتَ محروقَ اللُجينِ فما
تلكَ الطقوسُ وما تلكَ التضاريسُ؟

والكشحُ إنْ أقبلتْ ليسَ بمعتدلٍ
بل فيه قوسٌ وأيضاً فيه تقويسُ

والردفُ إنْ أدبرتْ والعينُ ترقبهُ
لا يحتويهُ من الفستانِ تنفيسُ

طولٌ وقصرٌ بجسمٍ عاشَ صاحبهُ
الكشحُ عبدٌ نعم والردفُ غطريسُ

تذلُّ مدبرةً .. تعزُّ مقبلةً
يُغضي لها مع شروقِ الشمسِ قابوسُ

فردوسُ بالدين معنى كلِّ غانيةٍ
معصومةٌ ما سقتها الغيَّ (لاقيسُ)

من أجلها في بقاعِ الموتِ مرتجزٌ
فكم شكى من صقيلِ الحدِّ مرجوسُ

خطّيتُ في كلِّ زاجٍ من حنيني لها
حقّاً على مهجتي .. ما خطَّ إدريسُ

ما صدّقتْ دمعَ إنسانٍ عليها دمَاً
لو قلت: إني لكِ (قدسٌ وقدّيسُ)

(طوفانَةٌ) الفاءِ والطوفانُ شاعرها
منها تضمُّ معانيهِ القواميسُ

فإنها فتنةُ الجمعينِ من زمنٍ
(زنّوبيا) خُبّرتْ عنها (وبلقيسُ)

أقلّبُ الطرفَ منها كلَّ ناحيةٍ
كأنها ليَّ (بهرامُ) (وبرجيسُ)

قسّيسةٌ ما أتى غيري كنيسَتها
قد تُقْرَعُ عنوةً ليَّ النواقيسُ

واليوم أبكي لصبحٍ جاءني غسقاً
والناسُ يبكيهمُ بالشرقِ رمسيسُ

فلا تضمُّ ثمانُ العهدِ تاسِعَها
حتى تبينَ لنا تلك الكواليسُ

© 2024 - موقع الشعر