تسمعني مريم - محفوظ فرج

دعني أستوحي من موج الزاب
 
شرائط بيضاء
 
تشد جدائلها مريم فيها
 
دعني أتملى في قداح الليمون
 
الغارق حتى أطراف
 
الغصن
 
بعشق الماء
 
عبقا أتنفس فيه تنهد مريم
 
أسمع رجع نشيج الجرف
 
يقلبني بين تلهفه
 
لطيور النورس
 
حتى قامتها الفرعاء
 
تسمعني مريم حين أغازل رمل الثرثار
 
ويختلط الصوت الموغل في القاع
 
بصيحات غرانيقه
 
تأتي في زورقها الفضي تاركة
 
خلف الضفة لهفة أشجار اليوكالبتوز
 
لمجلسها تحت ظلاله
 
ترسم لي فوق الرمل معالم
 
من أوغاريت
 
وترسل سهما في القلب
 
على بوابة بابل
 
المح فوق الهدب
 
خيولا تصهل تجنح نحو الشام
 
في عينيها النجلاوين
 
غوال تركوني أندب
 
سمّارا لا يحلو إلا
 
عند ضفاف خريسان
 
إلا عند ضفاف الدغارة
 
أو عند أكف صبايا المنصور
 
وهن يفضن حنانا
 
للكتب المعقودة تحت
 
جدائلهن
 
تركوني وكهوفا تتحدث للماء الجاري:
 
كل أحبائك مأواهم
 
أروقتي وحصاي الأجوف
 
أحضن حتى ضفدعك التعبان
 
فمتى تدعو أحبابي
 
لسواحلك المشتاقة
 
للعزف السرياني
 
المشبوب بأنغام آشورية
 
ومتى تمتد نواظر أحبابك
 
كي تستلهم من غورك عمق
 
أناشيد الحب العربية
 
في عينها النجلاوين
 
فرار من لغط العالم
 
في القول بلا فعل
 
ورحيل ضد التيار
 
أسلمني اللون العسلي
 
إلى مدن ظمأى لسلام
 
تتعطش للمنفيين
 
على طيبتهم تنطفئ النار
 
قالت أسئلتي
 
تعجز محفوظ عن استيعاب
 
مراميها
 
إلا حين يسافر كي يستفهم
 
عن عبق تتنفس منه
 
صبايا العشار
 
كان السياب يعيد للبريكان
 
قراءة ملحمة الحب
 
المحفورة في ساحة سعد
 
حتى ساوره الإبحار
 
فخر صريعا
 
مفتونا في سحر الحرف
 
وغار يعيد إلى الرُقم الطينية
 
وهجا أكديا
 
رتله في أحضان السهل
 
تناسل في ساحل دجلة
 
وغنته بساتين
 
السبع بكار
 
فمتى تمتد نواظر أحبابك
 
كي تستلهم
 
من غورك عمق أناشيد الحب العربية
 
أشتاق لعشبتك الريّانة
 
وأبوس بدمعي ذيل سنونو
 
حط على أكتافك
 
تعروه الرجفة
 
يبحث في السيل عن القش المتشرب من مائك
 
في تموز
 
يفرشه في العش
 
يبرّد أرجل أفراخه
 
أشتاق كعين حبارى
 
وهي محلقة ترقب صياديها من تحت
 
ومن فوق تخاف الصقر
 
المتربص فيها
 
ياحبة قلبي أين أراك
 
وحولك جدران قطعت الأوصال
 
وما عاد فناء الساحات المشتولة
 
في بسمات بنات المنصور
 
تظلله أشجار الزوراء
 
ما عاد شذاك البصري
 
يعطر(أكشاك ) البسطاء على أرصفة
 
الباب الشرقي
 
والكحل الموغل في أعماق
 
مرافئ سومر
 
لا يعبر بي جسر الشهداء
 
أين أراك وأرتال جراد
 
تزحف غرب بخارى
 
تنهش لحم القمح الحي
 
وسنبلة الشلب الطافي
 
بين مجاري الروح
 
أين أراك وجيرانك عند نهاوند
 
أباحوا دمي
 
في أعتابك
 
وحين تساءل بعض الطراق
 
عن الارض المحروقة
 
والاطفال المدفونين بأروقة منسية
 
قالوا :
 
أولئك مما ظل من الأجيال الآشورية
© 2024 - موقع الشعر