كان لنا وطن... " نسميه بغداد " - غانية أحمد

قيل لنا ذات عام إن لنا وطنا
فتظاهرنا و احتفلنا
رفعنا راياتنا و غدونا
ننشد للوطن الكبير
لذلك الحلم الصغير
في لحظة يا سادتي..
سحبتم سجادكم من تحتنا
في لحظة يا سادتي..
ألغيتم استقلالنا
انتزعتم أحلامنا،صبحنا وشمسنا
مزقتم أعلامنا
و أعلنتم انتدابكم
في لحظة صار احتفالنا احتلالا
يسومكم....
صادرتم عيشنا وقوتنا
ماءنا.. هواءنا
و صرتم فوق كل شيء و ما لنا
سوى الترنح تحت ظلكم
في لحظة صنعتم موتنا
و تداعيتم كالذئاب لنصركم
و تناديتم و اجتمعتم و احتفلتم
كسرتم كل كؤوسنا
و تبادلتم بذات الجنون نخبكم
أطفأتم الأقمار و الأشجار و الأطيار
عزلتم حكمنا
و نصبتم ظلمكم
اغتلتم البقاء و البهاء و الرجاء
اغتصبتم حلمنا
و أفرغتم مثل الزناة حقدكم
قيل لنا كل الدنيا ملككم
هي الديمقراطية تحكمكم
لكم الحرية...
لكم وطن جديد يضمكم
يشبه كل الأوطان التي تعرفون
لكنه لا يشبهكم
وطن يفيض بكل شيء لكننا
و بعد....لكنكم
ليس بيدنا حكمنا و لكن
بيدكم
فنحن الأيتام قصر
مات والدنا و عمنا و جدنا...
واغتصبت أمنا واختنا...
بتنا بلا معيل..
و لابد أن يكفلنا وصينا
ومن يا سادة الدنيا غيركم
فانتم الأكفء.. الأحق و الأجدر
بحكمنا....
و الأعرف و الأمهر والأقدر
ونحن لنا جهلنا....
صمتنا و خوفنا هذا الذي يهدنا
يغمرنا هنيهة...فيدمينا
يأخذنا. يبحر بنا فيرسينا
وآخر المطاف يعود ليرمينا
ككل مرة ...تحت ذلكم
لازلنا كما كنا ذات نهار
لازلنا نتسابق بذات المسار
لازلنا ندور بذات المدار
نلف حول أنفسنا
و جانبا يلفنا العار
ما كان لنا أن نفهم درسنا
هو ذاك الذي قراناه ذات صيف
لكنكم...
قتلتم فينا مليون حرف
مليون زاهد و عابد..
و أعلنتم كفركم
مازلنا نخشى ظلنا
و نرقب من بعيد عجزنا
و ندفن كالحمقى رؤوسنا بينكم
لازلنا نقبع في ذلنا
و نرفض النهوض لحظة
و لو لنصف لحظة
نرفض النظر بصبر إلى عيونكم
نرفض الوقوف و الصمود والتحدي
نرفض أن نواجه ظلمكم
لازلنا ولا يزال ضعفنا
يحكمنا و يحكم أمرنا
يدفعنا بصمت إلى الهاوية
و يقذفنا حيث وجوهكم
و انتم الأعداء ما همكم
من يأسنا من بؤسنا...
من كل ما يخصنا
مات فينا كل شيء
ولا شيء أبدا هزكم
قد مل العجز و الصبر منا
و ما كان للظلم أن يملكم؟
© 2024 - موقع الشعر