مــــــــــــــرّوا - خلف علي الخلف

أيها الموت يا خبز الجميع
 
أوكتافيو باث
 
*
 
في ليلٍ مذعور الأنفاس
 
كنا نصلي الفقيد
 
نبتهل إلى الله مثل قطا وردّ العطش لهفته :
 
يا رب الدهور
 
أعلن حداداً لروحه
 
على مجده الذي أكلته الديدان
 
وشربت خلفه ماء وجوهنا
 
على ملكه الذي زحفت إليه الخطايا
 
واعف عن ذريته التخثرت في كأس الميراث
 
ارحم عبدك العاري ، المرتجف من نذوره،
 
المرتدي عباءة الغسق ….
 
نارنا مطفأة
 
صلواتنا تصعد إليه بساقها العرجاء
 
.
 
و …
 
مَرّوا
 
مرت خيولهم التي هبت كريح ولدتها الأرض
 
كصواعق تنتحب ، تخدّد وجوهنا بالتيه
 
كبرق يشق عتمة الصرخات
 
مروا
 
بسيوفهم الترى دمنا
 
رؤوسنا تكومت على جانبيهم مثل أشمال
 
الحنطة
 
أكفنا الممدودة إلى الله تطايرت مثل حصى
 
تحت حوافر خيلهم
 
صلواتنا تساقطت فوقنا مطعونة برماحهم
 
و … فرت الأرض من أقدامنا
 
فاختلطت جهات الله .
 
.
 
بعمائمهم الملطخة بالريبة ، بسيوفهم الحبلى ، وأكفهم المحناة ،
 
بتيجانهم المرصعة بالملح ، وجباههم الموشومة طاردوا دمنا ،
 
رائحة نسائنا العالقة في ثيابنا
 
صراخ أطفالنا المختبئ في أسماعنا
 
التراب الذي تحت أظفارنا
 
شقوا أنفاسنا إلى نصفين ، هالوا غبار اللعنة على آثارنا
 
طاردونا كأمراء عصرٍ منبوذ
 
كأثلام آلهة فرت من عالمها السفلي
 
ركضنا وأشلاؤنا بأرواح منهكة
 
مجردة من بهاء الأزل
 
.
 
نلطأ باللطم
 
لائذين بفلاة تحتضر ، تشوى أقدامنا بحصى وطأتهم
 
المشدودة بخيط من دم إلى أعناق السيوف
 
نندب الأرحام :
 
يا للأعنة
 
تذبل الصرخة على أفواهنا كخفافيش
 
تنحني لليل
 
.
 
نلوذ بصمت مثلوم ، متوسدين سيف جلجامش
 
ننتظر رباً يمر
 
مثقلة خطاه بصلاة الخائبين
 
يقرأ الخيل التي هبت علينا
 
الهواء الذي سمم بناتنا المخطوفات
 
إلى جهات الندب ، المأخوذات بفحولة سيوفهم التي تشرق
 
كشمس اللذة
 
.
 
الغرقى
 
بأغمادهم
 
الاستغاثة
 
الغائصة في برك الحيرة
 
ننتظر رباً يمر
 
نومئ له بالصلاة :
 
اللهم بدد شملهم
 
اللهم ابعث لهم ريحاً صرصر
 
اللهم …
 
بخيولهم المطهمة بنسلنا ، بأرجلهم النحيلة ، بقلوبٍ تبرق
 
كالفضة، بعصا الرعاة التي حبلت بهم وبأغنامهم
 
.
 
ساقونا
 
أسرى النبوءات التي تاهت على طرف المنام
 
غرفوا بكؤوس شهوتهم
 
أجساد نسوتنا اللواتي مثل وعد الله
 
الناذرات فروجهن لفحولة الفرسان في السير
 
القديمة .
 
نساؤنا اللائي بصقن في وجوهنا دم النفاس
 
يا ألله :
 
من يقطف الثارات من شجر الأسى .
 
*
 
حلب 1993
© 2024 - موقع الشعر