القرطاس الأسود والحبر الرمادي - سعد الحميدين

خدعوك بالقرطاس
 
ماكتبوا سوى سطرين
 
ما وهبوا سوى رقمين
 
وما نشروا سوى الخبر الملفق من حثالات
 
الوكالات المبرمجة الرتيبة
 
وما بثوا إلا خطابات مغلفة
 
بالطين والحلتيت والصبر المروب في دلال الجالسين
 
من عهد ما قبل وما بعد
 
وما قد خط في لوح الأماني
 
اللوح محفور بازميل التذكر
 
عند نافذة المدون
 
قرب قارعة الطريق
 
فتش ونقب
 
لن ترى إلا محاذير الهواة
 
هم يجمعون نفاية الافكار
 
بعد كنس الأرصفة
 
تأتي معلبة بجهد الخائر النعسان من هنالك
 
من هنا
 
السوق مفتوح لكل الباعة المتجولين
 
مع الضمانة للزبون
 
لولا الذي قد جاء يخبر بالقدوم
 
لتحطمت كل الأطر
 
وتبخرت كل الصور
 
وتعكرت كل الأمور على الخيوط الواهنة
 
نسجت بأطراف الأصابع عند حياك البيوت
 
بيوت من كانوا على القرطاس حراسا
 
يلفون الحروف لكي تعثر كل سطر ذاهب يبغي الكمال
 
لتشنق الكلمات قبل تمامها
 
****
 
السقف مشقوق على هاماتهم
 
فتقرفصت قاماتهم
 
وتقزمت
 
ذابت فما عادت تقاوم
 
صكت نوافذهم
 
تداعت كل حجرات المنازل
 
فغدا الفراغ على مدى
 
مدى النظر
 
فتناثر الإشعاع في الأركان
 
عم الساحة القصوى
 
فأمعن يرسم الصور المقزمة الملامح
 
يمحو القواعد دون أن يبني المغاير
 
ويمر بالإبهام يبصم قانعا بالأمر
 
حتى بالإشارة
 
يجثو على خد الطريق
 
يعاين الصور التي بثت بجانبه
 
مرمدة المقابض
 
من أكف الناحتين
 
حفروا على هام الصخور علامة الفهم المعتق
 
في قدور المارقين الأولين محدودي القامات
 
ممتلئ البطون السائلات على الركب
 
بركوا وتبرك قربهم
 
وعيونهم خلف الغيوم
 
تنسج العتم المذوب في حروف القطعة الأولى
 
من المحفوظات في صدر الزمن .
 
*****
 
يمشي وينقل خطوه فوق الجماجم
 
ويفحُ في استفساره الأبدي
 
أنا لست أعرف من أنا
 
ويردد المعنى مرارا
 
أأنا أنا
 
تاهت خطاي تعثرت
 
وخوت فما عادت تقاوم
 
لفها قيدوم قصدير الزمان المهتريء
 
فتجشأت حبلى بأورام الطريق
 
هذا أنا .. أم أن غيري قد تستر في أناي
 
فمشى خطاي
 
ومضى ولم أمض أنا
 
حفر السؤال على السؤال
 
فتقطعت كل الحبال الموصلات إلى جواب للسؤال
 
سيظل في الخطاف بين سمائه
 
ولأرض
 
تعلق/ علقوه
 
فترمد المعنى بعينيه
 
تآكل مثل عقب سيجارة المهموم عند آخر مزة
 
طفقت بها شفتاه عند سماعه الخبرالمباغت
 
ويوزعون الصورة الأخرى
 
بلا لون
 
ولا برواز
 
باهتة ملامحها كما العفريت
 
بانت لمن نظروا ومن شاخوا
 
تبدت في مخيلة الجميع
 
قسرا تراءت
 
دون دستور وإذن ممن يملكون القول
 
في الكرسي أو في الساحة الصغرى
 
تبلد هاجس قد خانهم في فرز ما يدريه/ غائبه
 
هذا زمان القول واللافعل قد حامت نسوره
 
فوق أجواء المساحة
 
والبوم ينعق في الخراب
 
والدود ينغل في التراب
 
حتى الرماد تطاوت خطواته
 
فمشى إلى خط السحاب
 
عجبي من الملاك كيف تباشروا
 
عن يوم قحط قد يجيء
 
جلسوا على عتبات دار الوهم
 
يفترشون أمتارا من الأوراق
 
والأخبار عن حال الموانئ
 
صادرا/ واردا عبر الجهات الأربع
 
الأصلية المتوارثة
 
لافرع فيها غير م ايمليه دولار ويورو
 
فتهالك الدينار وانتحب الريال
 
وصاحت ليرة مع أختها :
 
أواه ماهذي الفضيحة ؟
 
من منكمو قد قالها
 
لا شيء يدنو غير أصداء الكلام
 
قد بح صوت الناعق الغلبان في سوق الكراج
 
كم نقول
 
كم نقول
 
كم نقول
 
من يشتر مني بضاعة صاحبي
 
من ألفها للياء فيها
 
قد علبت وتحدد العنوان فوق غلافها
 
لم يبق إلا رسم شاريها
 
يخط بالكوفي عند شرائها
 
من قبل تسليم النقود
 
كم نقول
 
كم نقول
 
كم نقول
 
هيا تعالوا
 
ساوموا
 
من قبل أن يأتي المساء
© 2024 - موقع الشعر