بكائية الأندلس الجديدة - محمود محمد الشلبي

متى وجهك الساحلي يبشر وعد الليالي ،
 
يرش على شفة العمر حناء قلبي ،
 
ويأخذ صوتي ؟!
 
متى نطفة من نسوغك تدخل أجسادنا
 
الواهيات ، وتحكي عن الثأر ،
 
عن ساعة البدء ... تأتي ؟
 
تلوب على عطفة من حنايا بلادي ،
 
تشق الحصار عن الوجه ،
 
تغسل أثداءك المتربات ،
 
وتسكن صمتي ؟
 
لقد كنت سيفاً صقيلاً ، يسل من الضمير ،
 
غضباً ...
 
وكنت بروق الأماني .. وحلم الوليد لأيامه
 
القادمة .
 
وكنت .. فلا زمن الوعد جاء ...
 
ولا الموت جاء ... بقيت جراحاً تنز ،
 
ووجهاً يحار ... وساقا تضل مواطئها
 
في الصحارى .
 
بقيت .. ونامت زنود السلاطين ،
 
تحلم فوق حضور العذارى .
 
وأوصدت الباب في وجه أطفالنا اليتم ،
 
ماتوا – فيا حيف – فوق الموانئ ،
 
كالطير من لوعة النفي ،
 
باعوا الدثار ا .
 
أنبكيك ؟! يا شهقة في ضمير الزمان .
 
وخاصرة في شباه السنان .
 
متى يغسل الدمع خديك .... يا أمنا ؟!
 
وتنأى الكوابيس عن صدرك الكهل ،
 
يا حلمنا ؟
 
أنبكيك ؟! ....
 
لا دمع بات يبل المآقي ،
 
هنا القتل فرخ في الهدب ،
 
هذا زمان التجني ،
 
وضغط الرقاب على شفرة الذبح
 
فالنفي صار التلاقي .
 
أنبكيك ؟! ... ويح العدا – كم بكينا ،
 
فما يسح الدمع حزناً ،
 
ولا دلنا كيف يأتي الخلاص من الأسر
 
آن تصاءت عقارب من هول هذا الفراق .
 
أقول وقد ملني القول ، هذي الديار استبيحت
 
وشدوا لساني إلى لوحة الصلب ،
 
لم يبق صوتي ، تآكلت إذ كان صوت النعاة
 
هنا الأرض أنكرت النسل والحرث ،
 
شالت نعامتنا .. فاستوينا في نعوش ،
 
السنين ، أتأم خزي الزمان ،
 
وأصبحت يا وطني اليوم صومعة للحواة .
 
* * *
 
ونبقى نطارد في واحة الآلِ ،
 
ماذا تبقى من العمر ،
 
داست خيول الفرنج معى الفتح ،
 
" وأندلس اليوم صارت كأندلس الأمس "
 
على باب غرناطة استوقفتني ،
 
دموع " الصغير1 "
 
بنو الأحمر احترقوا في أتون الخطايا .
 
وكان وداع .. وكان نواح ،
 
وكانت قلاع تصيح ،
 
وأشرعة مزقتها ربابنة البحر ،
 
كانت مآذن تنعى إلينا الرجال ،
 
تكفن من مات ، تبكى السبايا .
 
 
 
هنا البحر هاجر .... والسهل هاجر .
 
لا لون عاد يبشر بالخصب ،
 
لا النهر بات يخفف حزن القلوب ،
 
تعتق عار السنين ،
 
وشابت مفارقنا .. من سقوط النوايا .
 
" وكان وداع ... وكان نواح ...
 
وكانت قلاع تصيح ،
 
وأشرعة مزقتها ربابنة البحر ،
 
كانت مآذن تنعى إلينا الرجال ،
 
تكفن من مات ،
 
تبكي السبايا " .
© 2024 - موقع الشعر