ينابيع أخرى - أحمد بنميمون

1
 
القلب عينٌ: لا أرى مفتر ّها في مَهمَهٍ
 
أو في حجارة شامخٍ سالت لجيناً ،
 
إن في الأعماق ناراً ،
 
هذه كبدي تأجّجُ ، لا أرى ماءً فأطفئها ،
 
فيهدأَ ما تلهّبَ في الدواخل من
 
حرائقَ لا مرايا الصوت تنقلها شرارا أو هباءْ.
 
2
 
والحلم عينٌ : ليس يدفق ماؤها
 
إلا ليضحك وعدُ جناتٍ
 
بما لم يُؤتَ محرومون لم يسْعوا
 
إلى أفياء آمالٍ تراودُ من
 
يجوع على موائدَ ليس تسقي
 
ظامئا في قيظ صحراء اقتتالٍٍ
 
إذ تهب ّ ُ على فيافيها
 
الأكفّ انداح منها المحْلُ ، في بحْثٍ يضلّ ُ،
 
ولا ترى عينٌ إلى مفترِّ ماء الحلم منهمرا
 
حكايا في الروابي
 
لا تجفّ بها رؤى الإخصابِ
 
تُحبَسُ في ظلام ليْس يَصْمُتُ عن أنينٍ أو دعاءٍ ،
 
لم يغادرْ بعد ُ أمواتي زمان القهْر ِ،
 
مغتربين ، ما قدروا
 
على النسيان، ليس المحْلُ ما يُفني
 
ضفافا ؛ إنَّ نهراً من دَمٍ جار ٍ،
 
سيغمر عالما يمتدُّ في النيرانِ ،
 
لا لهْواً ولا قدراً ؛
 
وحُلْمي منْ زمان أنْ أرى
 
هذا الفضاء يسحّ ُ أمطاراً
 
فتزدان الطريق بما تحبّ ُ العينُ من ألوانِ
 
فجرٍ تلهم العصفور أن يهتزّ منتشياً
 
لعصر النور في قممٍ رأت ناراً
 
وقد شمختْ ولم ترتدّ عن روعٍ ،
 
وما انهارت ولم ينهدّ من آوتهُ
 
منذ حلول هذا الليل آفاقي ؛ وما استَخْذَتْ لِجَوْر ِ الضيْمِ
 
فرساني ، متى انهالت سياط الغدر بالنارِ .
 
3
 
ها إنّ عينَ الحربِ كأسٌ مرةٌ ،
 
ولديّ في سمعي نشيجٌ هادرٌ،
 
من دمع هذا النبع، أشعاري
 
إذا انهمرت تغرد من أنينٍ ، في حقول الروحِ ،
 
(كان الورد ملبسيَ الذي أمشي
 
به في الناسِ
 
والخلواتِ ) شوكُ الدمعِ هاجمني
 
وأدمَى خُطوتي في الليلِ
 
يملأ بالترانيم الجريحة صوتَ قلبي
 
ما ذكرتُ أحبتي ،
 
فالبعد شوكٌ نافذ ٌ ،
 
وعزاء روحي في دموع تهجُّدٍ تهمي بها أوتاري .
 
4
 
لم تنأَ أسئلتي عن الأعماق من أسرار إنساني؛
 
وعنْ أطيار بستاني ؛
 
وعنْ خطوٍ براءتُهُ تُجرِّعهُ عذاباتٍ ؛
 
وعنْ موتَى صغارٍ حلَّقوا مثل العصافير الوديعة ثم غابوا
 
عنْ سماوات الطفولةِ ؛ عنْ شذى فرحٍ أثيريٍّ وأشجانِ ؛
 
وعنْ قلقي الذي شرِقت بهِ أحلامُ مرحلةٍ؛ تبخّر ما توهّجَ من رؤاها
 
في يدِي مثل الفَراشِ لَمَسْنَ وَهْجَ النارِ ؛
 
يا أهوالَ أحزاني
 
فؤادي مثل واحدة ولكن لم يرفرفْ؛
 
إنني واريتُ من نبضي المجنّح عن هبوب الضوء ، تحت ظلام أسواري.
© 2024 - موقع الشعر