حديث الليلة الأخيرة - عبدالقادر مكاريا

دعي القلب حتىّ يُحدّث
 
ليلتنا شرفة ٌ
 
و الدّخيل القمر
 
كأنّ الذي راح بالعمر حتى نهاياته
 
مجرّد حلم
 
و كلّ الذين عرفتُ
 
و كلّ اللّواتي عشقتُ
 
رفاق سفر
 
كأنّيَ من آخر اِمرأةٍ
 
لم أذق طعم غيرك
 
أوْ أنّهن النّساء/ جميع النّساء
 
عَداكِ عدمْ
 
أحبّك
 
ما بيننا الآن أضيق من قارّة الحبّ
 
أقرب من ألم الجرح للجرح
 
أصدق من همسة الأمس للذّاكره
 
فأنت الوحيدة من تمنح القلب
 
رائحة المسك في نبضات الألم ْ
 
أحبّك
 
هل غيرنا يتذوّق أيّامه
 
يتقاسم عطر النّدى
 
و الطّيور تحاول أن تتأكد من ثغر يوم جديد
 
و هذي المدائن تكتظّّ حين اِستفاقتنا
 
و تخلو إذا ما خلونا إلى بعضنا
 
و هذي النّجوم تُقبّل أنفاسنا
 
تتتبعنا بالأثر
 
تعلّمنا آخر الليل
 
أقْدم تعويذةٍ لممارسة العشق
 
تتعلّّم منّا الذي ستعلّمه
 
بعدنا للبشر
 
أراني أُحدّق في الوقت
 
يُوشك أن ينتهي ليلنا
 
ما الذي سوف يلزم
 
من ترف الوجع اللّيلكيّ ِ
 
لنرجع لو ساعة للوراء
 
نُعاود بذْر المسامات بالضّوء
 
نُوقف أعمارنا بالمساء
 
و نبدأ من حيث لم يبدإ العاشقون
 
نُجاوزُ ما قاله الشّعراء
 
و نوقظ في بعضنا شوقنا للعناق
 
و حاجتنا للمواء
 
لم أعدْ أتذكّر كيف اِنتهينا
 
إلى أنْ نسير على شارعٍ واحد
 
لا نرى بعضنا
 
نحملق في صُور لا تقول
 
و نسأل عرّافة الحيّ عن لون أيّامنا
 
لم أعد أتذكّر
 
كيف اِستطعت عُبور السّنين وحيدا
 
وكيف اِستطعت التنفّّس من دونك
 
ولا كيف طاوعني الشّعر
 
هذا الذي لا يُقال لغيرك
 
كيف اِحتفظتُ به !؟
 
أحدّقُ في الوقت
 
عندي الذي يتمنّاه كلُّ الملوكِ
 
حبيبة عمري
 
و باقات شعري
 
تراني سأحسد من راودوك؟
 
أحدّق في الوقت
 
كم يقصر العمر حين نكون كما نشتهي
 
فلا تدّعي أنّني لم أزلْ
 
مثلما كنت
 
في الحب أقوى بطلْ
 
أضمّك حتّى أضمّك
 
تغرق أفواهنا بالعسلْ
 
أحدّق في الوقت
 
كم يركض الوقت
 
حين نريد الثّواني أزلْ
 
أتوقّع موتي غدا
 
ليس ثمّة ما يربط الآن بيني و بين الحياة
 
قد بلغتُ الذي لم أرُمه
 
تجاوزت حظّي
 
فما الموت ؟؟
 
إنْ لم يكن ذروة العشق
 
و الأمنيات
 
ليس ثمّة ما يربط الآن بيني
 
و بين الذين مللتُ حكاياتهم
 
غير هذا المضمّخ بالجبن و النّار
 
يا نهدها
 
هل تفكّر مثلي على أيّ قارعة ستموت ؟
 
أنا أعشقُ ما يعشق الطيّبون
 
جسدًا أتقمّط في دفئِه
 
و دفاتر أسكنها
 
و عيونا تخون
 
أحدّق في الوقت
 
أدرك أن عليّ الرّحيل
 
و أدرك ما ذاق آدم يوم النّزول
© 2024 - موقع الشعر