احزان صحراوية – 3 - تيسير السبول

‏كنت قد ألمحت من قبل
مرارا
‏أن هذا الحزن - حين انسل
محمولا على ريح الصحارى .
قد تناهى
‏لحنايانا العميقة
حالنا - حين ألفناه - أسارى.
وقديما
‏خلت ذاك القادم السري شيخا
مثل جدي
‏وجديرا بالولاء
‏ولكم حاذرت أن أوذي سلامه
وأرى اليوم بأني
‏عبر تاريخ من الهمس المحاذر
غاض مني الصوت
إلا ‏رجفة الريح المسافر.
‏أنني قد أقفز الآن على جنح التفاته
فأرى الطوفان
يجتاح الجزيرة
‏أنني أركض - ألغي الربع الخالي
عسيرا، وتهامه
‏(فرحة الماء بصدري
‏غسلت منه القتامة).
‏ثم أعدو . يحسر الماء . وأنمو
أخضر العود مع الغابات
‏في عيد النماء
‏إنني الثلج
‏وأساقط أبيض
‏وأمتد بعيدا
‏إنني سر الشتاء
‏وربيعا أصبح العاشق
‏والطفل الذي يلعب
والشيخ وفي جيبي جريدة.
غير أني بالتفاتة
‏عائدا من رحلة الوهم السعيدة
ألمح الشيخ المعنى في إهابي (دونما حتى جريدة)
‏لست طوفانا
‏ولم يخضر عودي
لم أكن ثلجا
‏ولم أمتد في الأمداء
شيخا يكثر القول
‏يسلي النفس كن هذا وذاك
بحكايات
بذكرى
وقعها في النفس اسيان
كريح عبر صحرا.
مرثية الشيخ
(1)
‏كأنى صوتا شاحبا أعلن
أن الله أكبر
‏فحملنا الجسد الهشّ وسرنا
ثم, فوق الأفق الغربي لاح
القرص أصفر
‏سورة الاغماء شدت وجهه العاني
عميقا
‏وبدا دغل من الزيتون أغبر
فوقفنا
‏للأصيل المجهد العريان ننظر.
‏(2)
‏إن هذا الهيكل المللآن أصداء
سنينا ومرارة
‏ذا الجبين الناتيء المشعرع للأنواء
يومي بجسارة،
‏فلنقل. كان سفينة
‏مثلت أضلاعها للريح في عرض البحار
 
‏وتحدث مغضب الأمواج والحيتان
عاما بعد عام ,
‏وتناهت نكهة البحر وسر البحر فيها،
فلنقل.
داخت اخيرا
‏وتداعى برجها الان
فمالت لتنام.
(3)
‏فلنقل: سيف جليل نائم
قد كان ينهض
‏ظامىء الشفرة أبيض
جاب أمدا،
‏وخلى أثرا
‏أيان كان,
وكما يعرف هذا الجمع
‏لا سيف جبان
‏بل لقرصان مغامر
‏جردوه لتروا نصلا ملوي ثلمته الحدثان
اغمدوه
‏أن يستلقي مسجى في الغماد,
فى جدار المنزل الأرحب صدرا
علقوه
‏وليكن عالي النجاد
حق بعة اليوم ألا يشهرا
أبدي الصمت يبقى
حاضرا
ليس للمس ولكن
‏ليرى.
(4)
و حين رن معول
ينهش أحشاء الصفاه
أصخت
من يصرخ (وافجعتاه)
سمعت ريحا
‏في الذّرى تولول
‏( 5 ‏)
ربما قبل عصور
كان هذا الهيكل اليابس يومأ
سنديانة
‏شمخت تستشرف الوديان
مدت جنبات
عششت فيها النسور
من عل
‏`راقبت الذئبان تقتات بحملان
فهزت عطف غصن مطمئنة
‏ألف فأس جرّحتها
‏قطعت أوصالها
‏سالت نسوغا
دون انه.
عمرت
لم تدر كم مر على اطرافها صيف
او انقضّ شتاء
هي ذي الآن تهاوت
بعد ان برّحها طول اعتواء
من شموس و صقيع.
كتلة جرداء ملاى
بغضون العمر
توقيع الزمان
لا تقولوا (لم تكن)
كانت ,
و هذا الهيكل اليابس
من تفس الأرومة.
‏بوورك الشيخ سليل السنديان
ذلك الشيخ الذي يغفو
‏مليئا بالزمان
(6)
‏يا صديق الرياح
غريب المجيء
غريب الرواح
متعبا بالاباء
‏اي سز سحيق
أنت والكبرياء
آن أن ترحلا
فالمسا ينتظر
والشجر
سائلا
أن تعود
لنسوغ الجدود
© 2024 - موقع الشعر