وحشة صباح - يحيى السماوي

لي ما يبرر وحشتي هذا الصباح
كأن أغض الطرف عن ورد الحديقة
وابتهاج ابني بأفراخ الحمام
لي ما يبرر وحشتي هذا الصباح
فإن أمي تشتكي صمما وقد عشيت
لماذا لا أكف عن اتصالي الهاتفي بها
وإرسالي المزيد
من التصاوير الحديثة
هل يرى الأعمى من القنديل أكثر من ظلام؟
 
لي ما يبرر وحشتي هذا الصباح
فإن جارتنا (حسيبة)
باعت الثور الهزيل
وقايضت ثوبين بالمحراث
وابنتها - التي فسخت خطوبتها - اشترت نولا
ولكن الخراف شحيحة..
كادت تزف إلى ثري جاوز السبعين
لولا أن داء السكري أتى عليه
ولم يكن كتب الكتاب
فلم ترث غير العباءة والسوار
ووهم بيت من رخام
 
لي ما يبرر وحشتي هذا الصباح
كأن أصيخ السمع
للماضي الذي لم يأت بعد
وأن أعيد صياغة النص الذي
أهملته عامين
لا أدري لماذا لا أكف
عن التلفت للوراء
ولا أمل من التأمل في حطامي
 
لي ما يبرر وحشتي هذا الصباح
فإن (نهلة) جاءها طفل له رأسان..
(نهلة) كانت القنديل في ليل الطفولة
ضاحكتني مرة.. فكبرت!
اذكر أنني - في ذات وجد-
قد كتبت قصيدة عنها..
وحين قرأتها في الصف
صفق لي المعلم
غير أن بقية الطلاب
أضحكهم هيامي
 
لي ما يبرر وحشتي هذا الصباح
يقول (رفعت) في رسالته الأخيرة:
إن (محمود بن كاظم) بات - بعد العفو - حرا
غير أن حديثه يفضي إلى ريب بعقل
فهو يطنب في الحديث
عن التقدم للوراء
أو
التراجع للأمام
 
لي ما يبرر وحشتي هذا الصباح
وما سيذبح في رياض فمي
أزاهير ابتسامي
ف(حمادة الحمال) مات حماره
وأنا أرجح أن يكون (حمادة الحمال)
قد قتل الحمار
تدبرا ل(بطاقة التموين)
والسوق التي كسدت
وللحقل الذي ما عاد يعرف خضرة الاعشاب
كان (حمادة الحمال) مختصا بنقل الخضراوات
وكان أشهر في (السماوة)
من وزير الخارجية..
غير أن حكومة (البطل المجاهد) عاقبته
لأنه
ترك الحمار يبول تحت منصة
رفعت عليها صورة (الركن المهيب)
و (حمادة الحمال) يجهل في السياسة..
لم يشارك في انتخاب البرلمان..
وحين يسأل لا يجيب
ويقال:
إن كبير مسؤولي الحكومة في (السماوة)
كان يخطب في اجتماع حاشد
في عيد ميلاد (ابن صبحة)
ثم صادف أن يمر (حمادة الحمال)
فاحتفل الحمار
(وربما ارتبك الحمار)
فكان
أن غطى النهيق على الخطيب
ولذا
أرجح أن يكون (حمادة الحمال)
قد قتل الحمار
أو الحكومة أرغمته
بأمر قائدها اللبيب
ف(حمادة الحمال) متهم
بتأليب الحمار على الحكومة
و (المهيب)
 
لي ما يبرر وحشتي..
بغداد تطنب في الحديث عن الربيع
ونشرة الأخبار تنبيء عن خريف
قد يدوم بأرض دجلة ألف عام!
وأنا ورائي جثة تمشي..
ومقبرة أمامي!
© 2024 - موقع الشعر