بوابة الليل .. - ورود الموسوي

بوابة الليل ..
 
 
 
 
يدخُلُ الليلُ كأيقونةِ معبدٍ
 
تهاوت جُدرانُهُ فتعرَّى
مثل كنيسةٍ لامسها النسيانُ
فاستوت للريح
 
(يدخُلُ الليلُ حديقةَ الكونِ)
أكونُ محضَ ليلٍ يتخايلُ في جسد
محض ليلٍ يتماهى مع الظلِّ
 
محض ليلٍ مُقَنِّنٍ في المعبدِ المتعري
في الكنيسةِ المستويةِ ريحاً
ها أنا أكسو العالمَ من دِثاري
الكون يكتسي رماديَّةً مُغرية
أنا الليلُ بانعتاق هُلاميِّة الجسد
أُلامسُ أطرافَ السماءِ
أُطعِمُها سواداً بزُرقة
زُرقَة بِحُمرَه
أُجاذبُ أطرافَ الأرضِ
تسطعُ النجومُ فيَّ
 
ينُدُّ سُهيلٌ من تحت قلبي
 
نجمةً.. نجمةً.. فنجمة
 
أتحوّلُ سماءً داكنة رمادية
نُجومي تُعلِنُ رَقْصةَ الليلِ معها
السماءُ أنا
النجومُ أنا
اللّيلُ أنا
العالمُ يتوحَّدُ في.. أنا
(يدخُلُ اللّيلُ حديقةَ الكونِ)
حاملاً عرباتٍ مليئة بأرواحٍ
بشريّة الصُّنعِ
أثّثها الموتُ فابتنَت بيوتاً في السماءِ
راقصت أنجُمي
 
(محضُ كونٍ يدخُلُ كوناً)
اللّيلُ.. جمهرةُ الشعراء
اللّيلُ... طفولتي المنسيَّة
 
اللّيلُ... العاشقُ الغضُّ
اللّيلُ... واندثارُ العدلِ
 
في زنازينِ السديم...!
(يدخُلُ اللّيلُ حديقةَ الكونِ)
حاملاً سلالَ روحي
كالحكايا العتيقةِ
يُدخلُني مفاوُزَ السماءِ
مساربَ الضُوءِ
 
أكونُ محضَ سديمٍ
محض نورٍ
محض وجود
(يدخُلُ الليلُ حديقةَ الكونِ)
 
حاملاً رايةَ النيازكِ الناريّة المُتأهّبة
 
أُلقي شعابِي المُتسرِّبة داخل العُشبِ
أمُدُّ لسانَ الوقتِ المتلعثم بأشواكِ الطريقِ
الموُحشِ المُقفرِ من صديق
أزرعُ وردةً بلون الرمادِ الزّهريّ
وأخرى بلون الأحمرِ الرماديّ
وثالثة أصوُغُها نجمة هاربة من زمنٍ
يتلعثمُ بأشواكِ الطريق…!
(يدخُلُ اللّيلُ حديقةَ الكونِ)
أكُون باللهِ محضَ تِلاوةٍ بصوتي الشجيّ
قُداسةَ اللحظةِ
تَجرُّد الروحِ
قُدسيةَ المعنى..
نجمة تطاردُ ليلاً
ليل يطاردُ سماءً
سماء تطاردُ ليلاً ونجمة...!
(يدخُلُ اللّيلُ حديقةَ الكونِ)
يُرسي زوارقَ النجاةِ للحالمينَ
يُنادي... سماء.. سماء.. سماء
ودروباً اُخَر لا يُقايضُ الراكبينَ/ الهاربينَ
خلف أسوارِ الحُجُبِ إلى سماءٍ عاشرة
لا تذاكرَ
 
لا جوازات
 
لا فِيَزَ للعبور
يحمِلُهُمُ اللّيلُ/ يُغنُّون لَهْ
يُرقوهُ بالتعاويذ..!
(أدخُلُ اللّيلَ)
مُزدانةً بذات الغرور
على بوابته المُتألِّهة أُعلِّقُ أنجماً
صِلباناً
بعض أجراسِ ذكرى
أشجار ميلادٍ
دفاتر العُمرِ الذي لا عُمرَ لهْ
 
وحفنةَ أغنيات حزينة...!
 
(أدخلُ اللّيلَ)
 
ببعض قاربٍ يكبُرُني عشرينَ عاماً
ما تبَقَّى منهُ يؤَرجِحُ بعضهْ
مضيقُ اللّيلِ
 
عَتْمَةُ الوجودِ
 
أشجارٌ تتمايلُ في قاعِ البحرِ
رذاذُ ذاكرةٍ يتمغّط
أدخُلُ بِحشدٍ مُتفرِّدة
 
كأزقةِ البحرِ المُوحشة
 
بانقشاعِ الضباب
أرتفعُ
 
اُلامسُ أطرافَ السماءِ
أتحوّلُ روحاً تسكنُ أرواحَ اللّيلِ
 
تبحثُ في سكونهِ
عن ذاتٍ
عن هُويةٍ
عن وطن.
© 2024 - موقع الشعر